للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البركة، وأذيعت هذه الحيلة بين الجنود وامتلأت قلوبهم بالثقة، وقد أمعن قادة الحملة فى تأييد هذه الواقعة بغض النظر عن مدى إيمانهم بها أو تكذيبهم لها.. ".

على هذا النحو، ولمثل هذا الغرض جرت أسطورة ظهور العذراء فى كنيسة عادية، وكاهنها ـ فيما علمت ـ رجل فاشل لا يتردد الأقباط على دروسه.

وبين عشية وضحاها أصبح كعبة الآلاف، فقد شاع وملأ البقاع أن العذراء تجلت شبحاً نورانياً فوق برج كنيسته، ورآها هو وغيره فى جنح الليل البهيم..

وكأنما الصحف المصرية كانت على موعد مع هذه الإشاعة، فقد ظهرت كلها بغتة، وهى تذكر النبأ الغامض، وتنشر صورة البرج المحظوظ، وتلح إلى حد الإسفاف فى توكيد القصة..

وبلغ من الجرأة أنها ذكرت تكرار التجلى المقدس فى كل ليلة.

وكنت موقناً أن كل حرف من هذا الكلام كذب متعمد، ومع ذلك فإن أسرة تحرير مجلة " لواء الإسلام " قررت أن تذهب إلى جوار الكنيسة المذكورة كى ترى بعينيها ما هنالك..

وذهبنا أنا والشيخ " محمد أبو زهرة " وآخرون، ومكثنا ليلاً طويلاً نرقب الأفق، ونبحث فى الجو، ونفتش عن شىء، فلا نجد شيئاً البتة.

وبين الحين والحين نسمع صياحاً من الدهماء المحتشدين لا يلبث أن ينكشف عن صفر.. عن فراغ.. عن ظلام يسود السماء فوقنا.. لا عذراء ولا شمطاء..

وعدنا وكتبنا ما شهدنا، وفوجئنا بالرقابة تمنع النشر..

وقال لنا بعض الخبراء: إن الحكومة محتاجة إلى جعل هذه المنطقة سياحية، لحاجتها إلى المال، ويهمها أن يبقى الخبر ولو كان مكذوباً..

ما هذا؟!

ولقينى أستاذ الظواهر الجوية بكلية العلوم فى جامعة القاهرة، ووجدنى ساخطاً ألعن التآمر على التخريف وإشاعة الإفك، فقال لى: أحب أن تسمع لى قليلاً، إن الشعاع الذى قيل برؤيته فوق برج الكنيسة له أصل علمى مدروس، واقرأ هذا البحث.

<<  <   >  >>