للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمون فأقاموا بها ثلاثا، معهم سلاح الراكب، السيوف في القرب، ولا تتعرض قريش لهم بأي نوع من أنواع التعرض.

٢- وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين، يأمن فيها الناس، ويكف بعضهم عن بعض.

٣- من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه، وتعتبر القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين جزآ من ذلك الفريق، فأي عدوان تتعرض له أي من هذه القبائل يعتبر عدوانا على ذلك الفريق.

٤- من أتى محمدا من قريش من غير إذن وليه- أي هاربا منهم- رده عليهم، ومن جاء قريشا ممن مع محمد- أي هاربا منه- لم يرد عليه.

ثم دعا عليا ليكتب الكتاب، فأملى عليه «بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سهيل: أما الرحمن فو الله لا ندري ما هو؟ ولكن اكتب باسمك اللهم. فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم عليا بذلك. ثم أملى: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله فقال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك. ولكن أكتب محمد بن عبد الله فقال: إني رسول الله وإن كذبتموني، وأمر عليا أن يكتب محمد بن عبد الله، ويمحو لفظ رسول الله، فأبى علي أن يمحو هذا اللفظ، فمحاه صلى الله عليه وسلم بيده، ثم تمت كتابة الصحيفة، ولما تم الصلح دخلت خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم- وكانوا حليف بني هاشم منذ عهد عبد المطلب كما قدمنا في أوائل المقالة، فكان دخولهم في هذا العهد، تأكيدا لذلك الحلف القديم- ودخلت بنو بكر في عهد قريش.

[رد أبي جندل]

وبينما الكتاب يكتب إذ جاء أبو جندل بن سهيل يرسف في قيوده، قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين ظهور المسلمين، فقال سهيل: هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: إنا لم نقض الكتاب بعد. فقال: فو الله إذا لا أقاضيك على شيء أبدا. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: فأجزه لي. قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: بلى فافعل، قال: ما أنا بفاعل. وقد ضرب سهيل أبا جندل في وجهه، وأخذ بتلابيبه وجره، ليرده إلى المشركين، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا جندل أصبر واحتسب، فإن الله جاعل لك ولمن معك من

<<  <   >  >>