للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زمن معاوية «١» ، واتخذ النبي صلى الله عليه وسلم مارية سرية له، وهي التي ولدت له إبراهيم. وأما سيرين فأعطاها لحسان بن ثابت الأنصاري.

٣- الكتاب إلى كسرى ملك فارس

وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى مالك فارس: «بسم الله الرحمن الرحيم» من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك «٢» .

واختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السهمي، فدفعه السهمي إلى عظيم البحرين، ولا ندري هل بعث عظيم البحرين رجلا من رجالاته، أم بعث عبد الله السهمي، وأيا ما كان فلما قرئ الكتاب على كسرى مزقه، وقال في غطرسة: عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي، ولما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مزق الله ملكه، وقد كان كما قال:

فقد كتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن: ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين عندك جلدين، فليأتياني به. فاختار باذان رجلين ممن عنده، وبعثهما بكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معه إلى كسرى، فلما قدما المدينة، وقابلا النبي صلى الله عليه وسلم قال أحدهما: إن شاهنشاه (ملك الملوك) كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك، وبعثني إليك لتنطلق معي، وقال قولا تهديديا، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يلاقياه غدا.

وفي ذلك الوقت كانت قد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه، وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الوحي، فلما غدوا عليه أخبرهما بذلك: فقالا: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر، أفنكتب هذا عنك، ونخبره الملك. قال: نعم أخبراه ذلك عني، وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى! وينتهي إلى منتهى الخف والحافر. وقولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك، وملكتك على قومك من الأبناء،


(١) زاد المعاد ٣/ ٦١.
(٢) فتح الباري ٨/ ١٢٧.

<<  <   >  >>