للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- ثم بعث عمرو بن العاص في نفس الشهر إلى سواع

ليهدمه، وهو صنم لهذيل برهاط، وعلى ثلاثة أميال من مكة، فلما انتهى إليه عمرو قال له السادن: ما تريد؟ قال:

أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه، قال: لا تقدر على ذلك، قال: لم؟ قال: تمنع. قال:

حتى الآن أنت على الباطل؟ ويحك، فهل يسمع أو يبصر؟ ثم دنا فكسره، وأمر أصحابه فهدموا بيت خزانته، فلم يجدوا فيه شيئا، ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله.

٣- وفي نفس الشهر بعث سعد بن زيد الأشهلي في عشرين فارسا إلى مناة

، وكانت بالمشلل عند قديد للأوس والخزرج وغسان وغيرهم، فلما انتهى سعد إليها قال له سادتها:

ما تريد؟ قال: هدم مناة، قال: أنت وذاك، فأقبل إليها سعد، وخرجت امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل، وتضرب صدرها، فقال لها السادن: مناة دونك بعض عصاتك، فضربها سعد فقتلها، وأقبل إلى الصنم فهدمه وكسره، ولم يجدوا في خزانته شيئا.

٤- ولما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعبان من نفس السنة (٨ هـ) إلى بني جذيمة

، داعيا إلى الإسلام، لا مقاتلا. فخرج في ثلاثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وبني سليم، فانتهى إليهم، فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: «صبأنا صبأنا» فجعل خالد يقتلهم ويأسرهم، ودفع إلى كل رجل ممن كان معه أسيرا، فأمر يوما أن يقتل كل رجل أسيره، فأبى ابن عمر وأصحابه حتى قدموا على النبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكروا له، فرفع صلى الله عليه وسلم يديه وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» - مرتين- «١» .

وكانت بنو سليم هم الذين قتلوا أسراهم دون المهاجرين والأنصار، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم، وكان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف كلام وشر في ذلك، فبلغ صلى الله عليه وسلم فقال: «مهلا يا خالد، دع عنك أصحابي، فو الله لو كان أحد ذهبا، ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته «٢» » .


(١) صحيح البخاري ١/ ٤٥٠، ٢/ ٦٢٢.
(٢) أخذنا تفاصيل هذه الغزوة من ابن هشام ٢/ ٣٨٩ إلى ٤٣٧، وصحيح البخاري ١/ كتاب الجهاد وكتاب المناسك و ٢/ ٦١٢، إلى ٦١٥، ٦٢٢، فتح الباري ٨/ ٣ إلى ٢٧، وصحيح مسلم ١/ ٤٣٧، ٤٣٨، ٤٣٩، ٢/ ١٠٢، ١٠٣، ١٣٠، وزاد المعاد ٢/ ١٦٠ إلى ١٦٨، ومختصر سيرة الرسول للشيخ عبد الله النجدي ص ٣٢٢ إلى ٣٥١.

<<  <   >  >>