للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعبّر عنها بهاتين الكلمتين الوجيزتين: الإيمان، والعمل الصالح «١» فهاتان الكلمتان تشملان جميع ما جاءت به رسالة محمّد صلّى الله عليه وسلم، وتحيطان بكل ما أكملته من عقيدة، وعمل، وخلق، وحسن معاملة، فهما قوام الإسلام وزبدة ما جاء به محمّد رسول الله، وهما في الواقع قوام الفلاح، والنّجاة، وملاك السعادة. فمن آمن بالله إيمانا لا يزعزعه شيء، وأطاع الله فيما أمر به من حقّ وخير، وعمل بذلك عملا صالحا لا يشوبه سوء، أفلح ونجا. وقد وصف الله في كثير من الآيات شأن المؤمنين الذين يؤمنون بالله، ويعملون عملا صالحا، وبشّرهم تارة بقوله وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: ٥] وتارة بأنّهم وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ [التوبة: ٢٠] فالفلاح البشريّ، والفوز الإنسانيّ يرجع إلى الإيمان بالله والعمل الصالح بما أمر.

وقد كان بودّنا أن نبسط القول في الإيمان والعمل الصالح، ونوفيهما حقهما من البيان والشرح، لولا أنّ هذا الموقف لا يساعد على ذلك.

والذي يعنينا الآن من الكلام على الرسالة المحمّدية ناحية الكمال فيها، وإتمامها ما كان ناقصا في الديانات السابقة، مما يرجع إلى العقائد والأعمال، فأصلحت ما كان من قبل فاسدا، وردّت البدع الطارئة، وقمعت المفاسد العظيمة الفاشية التي شوهت وجه الإنسانيّة، وكانت بابا لكلّ شرّ، وأصلا لكل فساد، وبذلك سدّت في أصول الدين جميع الثلمات التي تسرّبت منها المفاسد، فكانت سببا في انحطاط الإنسانية عن مستواها الكريم.

عناية الشّرع المحمديّ بكرامة الجنس البشريّ ومكانته من سائر المخلوقات:

وأول مسألة عني بها الشّرع المحمديّ كرامة الجنس البشريّ ومكانته من


(١) والإيمان الإسلامي بضع وسبعون شعبة، وقد استقصاها أعلام الإسلام فرأوها تدور حول شيئين لا ثالث لهما: الحق، والخير، وكل شعبة من شعب الإيمان الإسلامي لا ريب أنّها تدخل إما في باب الحق، أو في باب الخير، والعمل الصالح هو عمل المؤمن بما هو مؤمن به، فلا يكون العمل صالحا إلا إذا كان من عمل الحق، أو من عمل الخير، وهذا هو الإسلام. (الأستاذ محب الدين الخطيب) .

<<  <   >  >>