للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقنّوج «١» أمست أثرا بعد عين، بل درست آثارهم، وعفت أعلامهم، وأصبحت ديارهم كأطلال خولة، أما (دهرم شاستر) «٢» وهو كتاب العقائد الذي جاء به (منو) فلا زال باقيا نافذا أمره.

والملك (حمورابي) من ملوك بابل كان أول من سنّ القوانين، ولكن أين أوامره وأحكامه؟ لقد نسجت عليها العنكبوت منذ زمان طويل، ولم تدع يد البلى من قوانينه وأحكامه شيئا. أما تعاليم نبي الله إبراهيم عليه السلام فما برحت غضّة طرّية.

وأين فرعون ودعواه أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: ٢٤] ؟ لقد أصبحت أضحوكة! أما نبيّ الله موسى عليه السلام؛ فإنه يسود نوازع القلوب، ويملك أهواء النفوس، ويدين له كثير من الناس، وتسلم لآياته وبيناته طوائف غير قليلة.

وقوانين سولون زال العمل بها وشيكا، بينما التوراة المنزلة من السماء لا تنفكّ أحكامها وقوانينها قسطاس العدل وميزان النصفة.

والقانون الرّوماني الذي عدّ عيسى عليه السلام جانيا مجرما بمقتضى أحكامه، واعتبره قد اجترح السوء، وأتى ذنبا، قد خلت القرون تسفيه برياحها فأصبح هشيما مضمحلا. أما عيسى عليه السلام فإنّ تعليمه لا يزال نورا تجلى به ظلمات القلوب، وهدى تطهر به نفوس المذنبين، وتزكى به أرواح المجرمين.

وأين أبو جهل «٣» وكبرياؤه، وأين كسرى الفرس ودولته وجبروته؟ وأين قيصر الروم وحكومته وطغيانه؟ كلّ أولئك قد طوى الدّهر صحائفهم، وطمست الأقدار دولهم، وتهدّم مجدهم، وذهبوا أدراج الرياح، أمّا


(١) قنوج: بلدة تقع في ولاية أترابرديش، وتعدّ من أقدم مدن الهند.
(٢) وهو كتاب العقائد عند الهنادك.
(٣) هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، أشدّ الناس عداوة للنبي صلّى الله عليه وسلم في فجر الإسلام، وأحد سادات قريش وأبطالها، وكان يقال له «أبو الحكم» فدعاه المسلمون «أبا جهل» ، قتل في وقعة بدر الكبرى، سنة ٢ هـ.

<<  <   >  >>