للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن فضائله: أنه وقع له واقعة ومحنة عجيبة فلقاها بالصبر والرضا، وذلك أنه وقعت له أكلة في رجله فأمر الطبيب بقطعها فقال له: لا فعل لأن هذا شرفني الله به بل أصبر، فلما ارتفعت إلى الساق قيل له: إن ارتفعت إلى الركبة قتلتك، فأجاب إليه قطعها خوفاً من الله لئلا يكون قتل نفسه، فقال له الطبيب: اشرب دواء حتى لا تحس بالألم، فقال: لا امنع نفسي أجراً ساقه الله لي، فقيل لو أمسكك بعض أولادك، فقال: الرضا بقضاء الله يمنعني من ذلك فقطعها الطبيب، وهو يهلل ويكبر فلما رأى قدمه مع الطبيب خذها وقبلها، وقال: اللهم إنك تعلم أني ما مشيت في معصيتك، ثم بعد ساعة قيل له: أعظم الله أجرك فقال: إن كان في رجلي فقد احتسبتها عند الله، فقيل له: في ولدك فقال: اللهم إن كان لي أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد، وكان لي بنون أربعة فأخذت واحد وأبقيت لي ثلاثة.

وكان مولده سنه عشرين، وكانت وفاته سنة أربع وتسعين.

قوله: «عن عائشة» هذه الصديقة بنت الصديق والحبيبة بنت الحبيب أبي بكر عثمان بن عامر عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمية.

كنيتها: «أم عبد الله» كناها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابن أختها أسماء عبد الله بن الزبير وقيل: بسقط لها (١) .


(١) قال محب الدين الطبري في السمط الثمين (ص: ٢٥) : يروى أنها أسقطت من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت والصحيح أنها كانت تكنى بابن أختها عبد الله (انتهى) .
قلت: والرواية التي فيها أنه كان لها سقط من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (١/٣١٣) بلفظ عن عائشة أنها قالت: «أسقطت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سقطاً فسماه عبد الله وكناني به» ، وأخرجه أيضاً: الرافعي في في التدوين (١/٤٦٤) .
قال ابن حجر في التلخيص (٤/١٤٧) : في إسناده داود بن المحبر وهو كذاب، وجزم بعدم صحة الخبر المناوي في فيض القدير (٤/١١٢) .
ويؤيد عدم صحة الخبر ما أخرجه ابن حبان في صحيحه (١٦/٥٤، رقم ٧١١٧) عن عائشه وفيه أنها قالت: «فما زلت أكني به وما ولدت قط» أي: عبد الله ابن أختها.
وبما أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١١/٤٢، رقم ١٩٨٥٨) ، ومن طريقه أحمد في المسند (٦/١٥١، رقم ٢٥٢٢٢) ، والطبراني في المعجم الكبير (٢٣/١٨، رقم ٣٥) عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة قالت يا رسول الله كل نساءك لهن كنية غيري، فقال لها: «اكتني أنت أم عبد الله» ، فكان يقال لها: أم عبد الله حتى ماتت ولم تلد قط.
وبما أخرجه أبو داود (٤/٢٩٣، رقم ٤٩٧) ، وأحمد في المسند (٦/١٥١، رقم ٢٦٢٨٥) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت: كل صواحبي لهن كنى، قال: «فاكتني بابنك عبد الله» يعني ابن أختها. قال عبد الله بن الزبير: فكانت تكنى بأم عبد الله حتى ماتت.
قال ابن حجر في التلخيص (٤/١٤٨) سنده صحيح.
وبما أخرجه الطبراني في الكبير (٢٣/١٨، رقم ٣٤) عن عائشة قالت: «كناني النبي - صلى الله عليه وسلم - أم عبد الله ولم يكن لي ولد قط» .
وبما أخرجه الطبراني أيضاً: (٢٣/١٩، رقم ٣٩) عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة ولم يولد لها» .
وبمجموع هذه الروايات والأحاديث التي يشد بعضها بعضاً بان لنا بطلان من يقول أن لها سقط وكنيت به استناداً إلى رواية داود بن المحبر، قال ابن حجر في التلخيص (٤/١٤٨) وهذا كله يضعف رواية داود بن المحبر، وقد سبق أن الحافظ قال: إنه كذاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>