للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إسلامه.

وقال إمام الحرمين (١) : قد صححوا إسلامه، والمعتمد عند الشافعية عدم الصحة، وأجابوا عن إسلام سيدنا علي بأجوبة من أحسنها ما نقله البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار، وهو أن الأحكام إنما علقت بالبلوغ بعد الهجرة عام الخندق.

وقال ابن العماد في شرح سيرته (٢) : إنما علقت به عام خيبر، وعبارته: «وفي عام خيبر رفع القلم عن الصبي والمجنون والنائم، وكان قبل ذلك موضوعاً على ما نقل عن البيهقي أنه قال: واستمر عليهم التكليف إلى عام خيبر ثم رفع قال: ولهذا صح إسلام علي - رضي الله عنه - في حال الصبا لأنه كان في قبل رفع القلم والصبيان إذ ذاك مكلفون وظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاثة» (٣)

يشهد لما قاله فإن الرفع يدل على سبق وضع (انتهى) .

فانظروا إلى هذا التنافي في النقل عن البيهقي، وأما قبل ذلك فكانت متعلقة بالتمييز فصح، وحنيئذ فيسقط الإشكال، وأجابوا عن القياس على الصلاة ونحوها بأن صلاة الصبي وصومه ونحوهما يقع نفلاً، والإسلام لا ينتقل له، قاله أمامنا الشافعي - رضي الله عنه -.

وإذا نطق الصبي من أولاد الكفار بالشهادتين لا يصح إسلامه، لكن يحال بينه


(١) هو: العلامة الفقيه الأصولي أبو محمد عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني إمام الحرمين، كان مولده سنة ٤١٩هـ، ومن آثاره: نهاية المطلب في معرفة المذهب في الفقه، قال ابن خلكان: لم يؤلف في الإسلام مثله، وكانت وفاته سنة ٤٨٧هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (١٨/٤٧٥) ، ومعجم البلدان (٢/١٩٣) ، وأبجد العلوم (٣/١١٩) ، ووفيات الأعلام (٣/١٦٨) ، والنجوم الزاهرة (٥/١٢١) ، وشذرات الذهب (٣/٣٦٠) .
(٢) ابن العماد هو: أحمد بن عماد بن يوسف بن عبد النبي، أبو العباس، شهاب الدين الأقفهسي ثم القاهري، مولده سنة: ٧٥٠هـ‍، فقيه شافعي، كثير الإطلاع، في لسانه بعض حبسة. له: التعقبات على المهمات للأسنوي، وشرح المنهاج، والسر المستبان مما أودعه الله من الخواص في أجزاء الحيوان، وكانت وفاته سنة: ٠٨ هـ‍.
(٣) رواه البخاري معلقاً في صحيحه (٥/٢٠١٩) بقوله: «وقال علي ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة» .
والحديث مسنداً إلى سيدنا علي عند أبو داود في سننه (٤/١٤١، رقم ٤٤٠٣) ، والترمذي في سننه (٤/٣٢، رقم ١٤٢٣) وقال: حديث علي حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر بعضهم: «وعن الغلام حتى يحتلم» ولا نعرف للحسن سماعاً من علي بن أبي طالب، وقد روي هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي بن أبي طالب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا الحديث، ورواه الأعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس عن علي موقوفاً ولم يرفعه، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، قال الترمذي: قد كان الحسن في زمان علي وقد أدركه ولكنا لا نعرف له سماعاً منه، وأبو ظبيان اسمه حصين بن جندب.
والنسائي في السنن الكبرى (٤/٣٢٤، رقم ٧٣٤٦) ، وابن ماجه في سننه (١/٦٥٩، رقم ٢٠٤٢) ، وأحمد في مسنده (١/١١٦، رقم ٩٤٠) ، وابن حبان في صحيحه (١/٣٥٦، رقم ١٤٣) ، وابن خزيمة في صحيحه (٤/٣٤٨، رقم ٣٠٤٨) ، والطيالسي في مسنده (ص: ١٥، رقم ٩٠) ، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (٢/٤١، رقم ٤١٥) ، والبيهقي في شعب الإيمان (١/٩٩، رقم ٨٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>