للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شخص ولا يجد محبته، بل المراد بالمحبة: الميل إلى المحبوب وتعلق القلب بعد اعتقاد تعظيمه.

وإنما اقتصر في هذا الحديث على ذكر الولد والوالد ولم يذكر غيرهما من الأهل، لأنهما أعز على العاقل من الأهل والمال، بل ربما يكونان عنده أعز من نفسه، ولهذا لم يذكر النفس في هذا الحديث أيضاً.

وإنما لم يذكر «الأم» - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث إما لأنها تدخل في لفظ «الوالد» إن أريد به من له الولد، وإما أنه لم يذكر الأم اكتفاء بذكر الأب في هذا الحديث عهنا، كما يكتفي بذكر أحد الضدين عن الآخر.

وإنما قدم - صلى الله عليه وسلم - لفظ «الوالد» على الولد في هذا الحديث مع أن محبة الإنسان لولده أعظم من والده غالبا ًللأكثر، فإن كثير من الناس لا ولد له، وكل واحد له والد فلذلك قدما الأعم الأكثر وقوعاً على غيره.

وجاء في تقديمه رواية الولد على الوالد وسببه أن محبة الإنسان لولده أعظم من محبته لوالده غالباً، فلذلك قدم فيها.

وجاء في رواية زيارة: «الناس أجمعين» وهو من عطف العام على الخاص وهو كثير.

وهل تدخل النفس في عموم قوله: «والناس أجمعين» قال ابن حجر: الظاهر دخولها مع أنه وقع التنصيص على النفس في حديث.

فائدة: ورد في هذا الصحيح في الأيمان والنذور أن عمر بن الخطاب قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لأنت يا رسول الله أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفيك فقال: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم» أي لا يكمل إيمانك «حتى أكون أحب إليه من نفسه» (١) فقال له عمر: فإنه الآن أنت أحب لي من نفسي فقال: الآن يا عمر أي: الآن كل إيمانك.

فاستفيد من جميع الروايات أنه يحب على الإنسان أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إليه من نفسه وأهله وماله، وأن الإيمان لا يكمل إلا بذلك فإن الإنسان إذا تأمل من


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٦/٢٤٤٥، رقم ٦٢٥٧) عن عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال ... فذكره.
وأخرجه أحمد في مسنده (٤/٢٣٣، رقم ١٨٠٧٦) ، والبزار في مسنده (٨/٣٨٣، رقم ٣٤٥٩) ، والطبراني في المعجم الأوسط (١/١٠٢، رقم ٣١٧) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (٨/١٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>