للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيخ كبير وللشيخ عندنا حرمة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه جماعة من أصحابه قاصدين نحو العباس فلما رآهم ظن أنهم إلى قتلة قاصدين فواقعة الخوف فقال: يا ابن أخي ما جاء بك بالليل فقال: لا بأس عليك يا عمي قد عاتبني ربي من أجلك، فجعل العباس يبكي ويقول: يا مولاي أنا أحيد عن توحيدك وأنت تطلف بأقل عبيدك، ثم قال: يا سيد الأكوان أشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ففرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسلامه فخلع عمامته عليه وضجت الملائكة والصحابة بالصلاة والسلام عليه، ونزل جبريل فقال: يقول لك الله عز وجل: جعلت على العباس العمامة ونحن لأجلك نخلع عليه الخلافة إلى يوم القيامة.

فائدة أخرى: ذكر العلماء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مكث ثلاث سنين في أول نبوته مستخفياً ثم أعلن في الرابعة، فأظهر نفسه ودعى الناس إلى الإسلام عشر سنين في كل عام في الموسم لعله يجد أحد يعينه وينصره فلا يجد أحداً ينصره، حتى أنه كان يسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة، ويعرض نفسه عليها لعله يجد لعل أن يأووه عندهم وينصروه حتى يبلغ رسالة ربه، فيأتي إليهم الشيطان فيصدهم عن إيوائه - صلى الله عليه وسلم - ونصرته فيرددون عليه أقبح رد، ويؤذونه ويسخرون به ويقولون قومك أعلم بك.

ولما أراد الله إظهار دينه ساقة إلى هذا الحي من الأنصار، فأقبل منهم اثنان إلى مكة فدعاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلما، ثم أقبل منهم في العام القابل ستة فدعاهم فأسلما، ثم لا زالوا يزدادون حتى فشا فيهم الإسلام ولم تبق دار من الأنصار بالمدينة الشريفة إلا وفيها ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ثم قال البخاري في حق عبادة ابن الصامت: «وهو أحد النقباء ليلة العقبة» (١) و «النقباء» جمع «نقيب» وهو الناظر على القوم، وضمينهم وعريفهم، والمراد بالنقباء هاهنا الأنصار الذين تقدموا البيعة - صلى الله عليه وسلم -.

والمراد «بالعقبة» في ليلة العقبة التي تنسب إليها جمرة العقبة، وعندها وقعت «المبايعة» ، و «المبايعة» هي المعاقدة والمعاهدة، شبهت بعقود المال لأن كلاً يعطي ما


(١) هنا لطيفة ذكرها ابن حجر في الفتح (١/١٤٠) فإنه قال: يحتمل أن يكون قائل ذلك أبو إدريس، فيكون متصلاً، إذا حمل على أنه سمع ذلك من عبادة، أو الزهري فيكون منقطعاً. وكذا قوله: «وهو أحد النقباء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>