للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراد - صلى الله عليه وسلم - «بالسكينة» السكون، «والوقار» التواضع، «وبالفخر» التفاخر بكثرة الأموال والجاه وغير ذلك من مراتب أهل الدنيا، «والخيلاء» التكبر والتعاظم.

والمعنى: أن الوقار والسكينة والتواضع غالباً يوجد في أهل الغنم، وأن التكبر والتفاخر غالباً يوجد في أهل الإبل والخيل، وقد ينعكس الحال.

فائدة أخرى: لا نقص ولا عيب في رعي الأغنام فقد رعاها الأنبياء صلاة الله وسلامه عليهم، لأنها سهلة الانقياد، خفيفة المؤن، كثيرة النفع، وروينا في هذا الصحيح وسنن ابن ماجه واللفظ له عن أبي هريرة - رضي الله عنه - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم» فقال: له أصحابه وأنت يا رسول الله؟ قال: «وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بقراريط» (١) يعني كل شاة بقيراط.

والمراد: أنه رعاها - صلى الله عليه وسلم - بالأجرة كل شاة بقيراط، وهي جزء الدرهم، وقيل: المراد بالقراريط في الحديث اسم مكان وأنه - صلى الله عليه وسلم - ما رعى بالأجرة قط.

قال الحربي: وهو الصحيح.

قال ابن الجوزي: عن أبي إسحاق والواقدي أن عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رعى الغنم كان عشرين سنة.

وفي غريب الحديث للقتبي: «بعث موسى عليه الصلاة والسلام وهو راعي غنم، وبعث داود عليه الصلاة والسلام وهو راعي غنم، وبعثت وأنا راعي غنم أهلي بأجياد» (٢) .

فقد رعى الأغنام نبينا محمد عليه الصلاة وأتم التسليم في صغره أيضاً، فقد قال


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢/٧٨٩، رقم ٢١٤٣) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (١/١٢٥) ، والرافعي في التدوين (٢/٢٨٨) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٠ (١٧/٨٤) من طريقل أبي إسحاق عن نصر بن حزن قال: افتخر أهل الإبل والغنم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ... فذكره.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (١/١٢٦) عن أبي إسحاق قال كان بين أصحاب الغنم وبين أصحاب الإبل تنازع فاستطال عليهم أصحاب الإبل قال: فبلغنا والله أعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره.
ورواه أيضاً: الفاكهي في أخبار مكة (٤/١١، رقم ٢٣٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>