للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: قال ابن عباس: أرسله الله ابن ثلاثين أي: وستة أشهر فمكث في رسالته ثلاثين شهراً ثم رفعه الله.

وأما سبب حياة إدريس ورفعه إلى السماء فهو ما نقل عن وهب بن منبه أنه قال: كان يرفع لإدريس كل يوم من العبادة مثل ما يرفع لجميع أهل الأرض في زمانه، فتعجب منه الملائكة، فاشتاق إليه ملك الموت فاستأذن ربه في زيارته فأذن له، فأتاه في صورة بني آدم فقال له: من أنت؟ فقال: أنا ملك الموت استأذنت ربي أن أصحبك، قال: فلي إليك حاجة، قال: ما هي؟ قال: تقبض روحي، فأوحى الله إليه أن اقبض روحه، فقبض روحه ورددها الله إليه بعد ساعة، ثم قال له: لي إليك حاجة أخرى قال: وما هي؟ قال: ترفعني إلى السماء لأنظر إليها، وإلى الجنة والنار، فأذن له في رفعه، فلما قرب من النار قال: حاجة أخرى تسأل مالك حتى يفتح لي أبوابها فأوردها ففعل، ثم قال: وكما أريتني النار فأريني الجنة، فذهب به إلى الجنة واستفتح ففتحت أبوابها فدخلها، ثم قال له ملك الموت: أخرج لتعود فتعلق بشجرة وقال: لا أخرج منها فبعث الله إليه ملكاً حكماً بينهما، فقال له الملك: مالك لا تخرج؟ قال: لأن الله تعالى يقول: ?كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ? [آل عمران: ١٨٥] وقد ذقته، وقال: ?وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا? [مريم: ٧١] وقد وردتها، وقال: ?وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ? [الحجر: ٤٨] فلست أخرج، فأوحى الله إلى ملك الموت: بأذني دخل وبأمري يخرج، فهو حي هناك (١) .

لطيفة أخرى: قيل يلتقي الخضر وإلياس كل سنة ببيت المقدس، ويصومان شهر رمضان، وقيل: يجتمعان على جبل عرفات.

قال العلامي في تفسيره: إن الخضر وإلياس باقيان إلى يوم القيامة، فالخضر يدور في البحار يهدي من ضل فيها، وإلياس يدور الجبال يهدي من ضل فيها، وهذا دأبهما في النهار، وفي الليل يجتمعان عند سد يأجوج ومأجوج يحفظانه (٢) .


(١) انظر: تفسير البغوي (٣/٢٠٠) .
(٢) ورد بهذا المعنى حديث عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الخضر في البحر واليسع في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل» أخرجه الحارث كما في بغية الباحث (٢/٨٦٦، رقم ٩٢٦) ، والديلمي في الفردوس (٢/٢٠٢، رقم ٣٠٠٠) ، وذكره الحافظ في الإصابة (٢/٢٩٣) وقال: فيه عبد الرحيم، وأبان متروكان.

<<  <  ج: ص:  >  >>