للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يتحامل عليه إن أمكنه، ويكون الذكر في يساره ويمسح بها، فإن لم يتمكن من شيء من ذلك واضطر إلى إمساك الحجر بيده أمسكه باليمنى، وأخذ الذكر باليسرى وحرك اليسار وحدها فإن حرك اليمين أو حركهما جميعاً كره، لأنه يكون مستنجياً باليمنى.

وإنما لم يضع الحجر في يساره والذكر في يمينه لأن مس الذكر بها مكروه، ولخبر الصحيحين: «إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه» (١) .

ويستحب للمستنجي بماء أن يدلك يده بالأرض أو نحوها بعد الاستنجاء ثم يغسلها.

وأن ينضح بعده أيضاً فرجه وإزاره من داخله دفعاً للوسواس.

وأن يعتمد على غسل الدبر على أصبعه الوسطى من يسراه إن أمكن، ولا يتعرض للباطن لأنه منبع الوسواس، فإن استعمل الماء فغلب على ظنه زوال النجاسة كفى ذلك في إزالتها، ولا يضر شم ريحها من يده بعد ذلك، فإن ذلك لا يدل على بقائها على المحل وإن حكمنا على يده بالنجاسة وعلته: أن المحل قد خفف فيه في الاستنجاء بالحجر، فخفف فيه هنا.

وقول أبي هريرة: «اتبعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وخرج لحاجته فكان لا يلتفت» أي: من عادته - صلى الله عليه وسلم - إذا مشى لا يلتفت، وهذا يدل على أمنه - صلى الله عليه وسلم - وعدم خوفه من أحد من خلق الله، لأن الله تعالى عصمه وكفاه شر من أراده بسوء، وقد نطق بذلك القرآن الكريم والحديث.

قال الله تعالى: ?وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا? [الطور: ٤٨] .

وقال: ?أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ? [الزمو: ٣٦] أي: بكاف محمداً أعداءه المشركين.

وقال: ?إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ? [الحجر: ٩٥] .

وقال: ?وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ? [المائدة: ٦٧] .

واختلفوا في سبب نزول هذه الآية:


(١) أخرجه البخاري (١/٦٩، رقم ١٥٣) ، ومسلم (١/٢٢٥، رقم ٢٦٧) . وأخرجه أيضاً أبو داود (١/٨، رقم ٣١) ، والترمذي (١/٢٣، رقم ١٥) ، والنسائي (١/٢٥، رقم ٢٤) ، وابن ماجه (١/١١٣، رقم ٣١٠) ، وابن خزيمة (١/٣٨، رقم ٦٨) ، وابن حبان (٤/٢٨٣، رقم ١٤٣٤) ، وأحمد (٤/٣٨٣، رقم ١٩٤٣٨) ، والدارمي (٢/١٦١، رقم ٢١٢٢) عن أبي قتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>