للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنى، ووجدت اليمن والبركة إلى الأبد، وبقى هذا الاسم عليها بإرادة الصمد.

قال النووي في الأذكار: يستحب أن يبتدئ في لبس النعل والثوب والسراويل وشبهها باليمين، من كميه ورجلي السراويل، وإذا خلعتها يستحب أن يخلع الأيسر قبل الأيمن.

وكذلك يستحب الابتداء باليمين في الاكتحال، والسواك، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، ودخول المسجد، والخروج من الخلاء، والوضوء، والغسل، والأكل، والشرب، والمصافحة، واستلام الحجر الأسود، وأخذ الحاجة من إنسان دفعها إليه وما أشبه ذلك، فكله يفعله باليمنى، وضده باليسار.

وقوله: «وفي شأنه كله» معناه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب التيمن في جميع أموره.

سؤال: فإن قيل: يشكل على قوله وفي شأنه كله دخول الخلاء، والخروج من المسجد، فإن المستحب فيهما ونحوهما البدآة باليسار كما قدمنا أنه فعله - صلى الله عليه وسلم -.

جوابه: أنه عام خص منه دخول الخلاء، والخروج من المسجد ونحوهما بالأدلة الخارجية.

قال الكرماني: وما من عام إلا وقد خص، والله بكل شيء عليم.

سؤال آخر: يشكل أيضاً على قوله: «وفي شأنه كله» الخدان والكفان والأذنان، فإنه لا يستحب فيها التيامن ولا التياسر، بل من السنة فيها غسل الكفين معاً، وغسل الخدين معاً ومسح الأذنين معاً إلا إذا كان أقطع اليد أو به علة تمنعه من ذلك، فإنه يستحب له التيامن حينئذ.

جوابه: أن هذه خارجة بالدليل فهو مخصوصة من عموم الحديث.

فائدة: دلت محبته - صلى الله عليه وسلم - التيامن في شأنه كله أن اليمين أشرف من اليسار، ويدل عليه أيضاً أن السعيد في الدار الآخرة هو الذي يتناول كتابه بيمينه.

قال القرطبي: أول من يتناول كتابه بيمينه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقد ذكر أبو بكر أحمد بن علي الخطيب عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أول من يعطى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب، وله شعاع كشعاع الشمس» فقيل له: فأين أبو بكر يا رسول الله؟ قال: «هيهات زفته الملائكة إلى الجنات» (١) .


(١) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (١١/٢٠٢) . وأخرجه أيضاً: أبو جعفر الطبري في الرياض النضرة (١/٣٣٢) ، والديلمي (١/١٧، رقم ١٦) . وانظر تفسير القرطبي (١٨/٢٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>