للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدة في آداب الوضوء الباطنة: في نزهه الناظرين: اعلم أنك إذا أردت أن تتوضأ فإنك تريد زيارة ربك - عز وجل -، فينبغي لك أن تتوب من ذنوبك، لأن الله تعالى جعل الغسل بالماء علامة للغسل من الذنوب، فأبدأ بتسمية الله تعالى.

فإذا تمضمضت وطهرت فمك بالماء فطهر لسانك من الكذب والغيبة والنميمة، فإن اللسان خلق لذكر الله تعالى وتلاوة القرآن، ولترشيد خلق الله إلى طريقة، وتطهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك، فإذا استعملته في غير ما خلق له فقد كفرت بنعمة الله فيه، فإن جوارحك نعمه من الله عليك، والاستعانة بنعم الله على معصيتة غاية الكفران.

وإذا استنشقت بالماء وأزلت ما في فتوحك من الأذى فطهرها من أن تشم محرماً كطيب مغصوب، وطبيب النساء الأجنبيات والحسان فإنه حرام كما قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام.

وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة» (١) .

وإذا طهرت وجهك بالماء فطهر نظرك من ثلاث: أن تنظر إلى محرم، وإلى معلم بعين الاحتقار، وإلى عيب مسلم، فإنما خلقت العينان لتهتدي بهما في الظلمات، وتستعين بهما في الحاجات، وتنظر بهما في عجائب ملكوت الأرض والسماوات، وتعتبر بما فيها من الآيات، ولم يخلق نظرك لتنظر به إلى محرم أو إلى مسلم بعين الاحتقار، ولا إلى عيب مسلم.

ولله در إمامنا الشافعي حيث يقول:

إذا شئت أن تحيى سليما من الأذى ... وعرضك محفوظ ودينك صين

لسانك لا تذكر به سوءة امرئ ... ففيك لسان وللناس ألسن

وعينك إن أبدت إليك معايباً ... فقل يا عيني للناس أعين

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ... ولا تلق إلا بالتي هي أحسن

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «النظر سهم مسموم من سهام إبليس، فمن غض بصرة


(١) أخرجه مسلم (١/٣٢٨، رقم ٤٤٤) ، وأبو داود (٤/٧٩، رقم ٤١٧٥) ، والنسائي (٨/١٩٠، رقم ٥٢٦٣) ، وأحمد (٢/٣٠٤، رقم ٨٠٢٢) ، وأبو عوانة (١/٣٦٠، رقم ١٣٠٠) ، والبيهقي (٣/١٣٣، رقم ٥١٥٧) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>