للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان رأي النبي صلّى الله عليه وسلم أن يتحصنوا بالمدينة المنورة وأن يدعوا قريشا خارجها، فإذا دخلتها قاتلهم فيها قتال الشوارع في منطقة يعرفها المسلمون كل المعرفة ولا تعرفها قريش، مما يساعد المسلمين على ضرب قريش وإيقاع الخسائر الفادحة بها، وكان رأي كبار الصحابة مثل هذا الرأي كما كان هذا رأي عبد الله بن أبيّ.

ولكنّ الرجال الذين لم يشهدوا (بدرا) - خاصة الشباب منهم- تحمّسوا للخروج من المدينة وملاقاة قريش خارجها وأيّدهم رجال اشتركوا ببدر، كي لا يرمى المسلمون بالجبن لاضطرارهم الى القتال داخل المدينة، فرأى الرسول صلّى الله عليه وسلم أن الأكثرية تؤيد الخروج، فقال لهم: (إني أخاف عليكم الهزيمة) ، فأبوا مع ذلك إلا الخروج، فنزل على رأي الأكثرية، لأن الشورى كانت أساس نظامه الذي لا يحيد عنه.

وأمر الرسول صلّى الله عليه وسلم صحابته أن يتهيئوا للخروج، ودخل داره وتقلّد سيفه وارتدى عدّة القتال، ثم خرج الى الناس.

شعر القوم أنهم استكرهوا الرسول صلّى الله عليه وسلم على رأيهم، وأظهروا الرغبة في النزول على رأيه، إلا أن النبي صلّى الله عليه وسلم وجد غضاضة في الاضطراب بين شتى الآراء والتردّد في قرارته، فقال: (ما ينبغي لنبي لبس لأمته «١» أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه) ...

ثم طلب إليهم الصبر عند البأس.

ز- تقدّم النبي صلّى الله عليه وسلم بألف رجل، حتى نزل (الشيخين) «٢» - موضع في ضواحي المدينة- وهناك رأى مع المسلمين مفرزة لا يعرف أهلها، فلما سأل


(١) - اللأمة: الدرع. وقد يسمى السلاح كله لأمة.
(٢) - الشيخان: موضع بالمدينة كان فيه معسكر رسول الله (ص) ليلة خرج لقتال المشركين بأحد. أنظر التفاصيل في معجم البلدان ٥/ ٣١٩ وهو في منطقة جبل أحد.

<<  <   >  >>