للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- المبادأة «١» :

غزوة (الخندق) هي المعركة الحاسمة الثانية بعد معركة (بدر) الكبرى، فلو نجح المشركون ويهود في هذه المعركة لتغيرت وجهة التاريخ الاسلامي.

لقد استطاع يهود أن يجمعوا الأحزاب حول المدينة المنورة، وعاونهم يهود بني قريظة بعد وصولهم الى المدينة، للقضاء على المسلمين ماديا ومعنويا، وهذا التجمع فرصة لا تعود أبدا خاصة إذا أخفقت هذه الأحزاب.

إن معنى إخفاق الأحزاب ويهود بعد هذا التجمع الهائل، أنهم لن يجتمعوا مرة أخرى، وأنهم لا يستطيعون القضاء على المسلمين بعد ذلك منفردين بعد أن عجزوا عن القضاء عليهم مجتمعين، ولهذه النتيجة أثر حاسم في انتشار الاسلام فيما بعد.

لقد انتقل المسلمون من دور الدفاع «٢» الى دور الهجوم «٣» في اليوم الذي انتهت به غزوة الخندق، لذلك قال الرسول صلّى الله عليه وسلم لأصحابه بعد انسحاب الأحزاب: (الآن نغزوهم ولا يغزوننا) .

وانتقلت المبادأة الى يد المسلمين بعد هذه الغزوة، ولم يتركوها حتى شمل الإسلام شبه الجزيرة العربية كلها، وارتفعت راية الاسلام شرقا وغربا فوق كل راية: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً، وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ، وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) «٤»


(١) - المبادأة: تعبير يقصد به من الناحية العسكرية السبق بالعمل لإجبار العدو على تبديل خطته والاحتفاط بهذا السبق.
(٢) - الدفاع: تعبير عسكري يقصد به التدابير المتخذة لإيقاف تقدم العدو في موضع ما لمدة قصيرة أو طويلة.
(٣) - الهجوم: تعبير عسكري يقصد به سلسلة حملات تتخللها وقفات ضرورية.
(٤) - الآية الكريمة من سورة الأحزاب ٣٣: ٢٥.

<<  <   >  >>