للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وظهر التردد في نفوس القبائل المحتشدة للقتال، فاضطر مالك أن يهدد قواته بأن ينفذوا أوامره ويطيعوه أو يلجأ الى الانتحار.

ب- أما معنويات المسلمين، فقد كانت عالية الى درجة الغرور، حتى قالوا يوم حركتهم الى حنين: (لن نغلب اليوم من قلة) ، لكنهم غلبوا من (كثرة) مغرورة في الصفحة الأولى من يوم حنين، ولولا ثبات النبي صلّى الله عليه وسلم لقضي على معظم المسلمين يوم ذاك إن لم يقض عليهم جميعا.

وصدق الله العظيم: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً، وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ، ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) «١» .

٦- العقيدة:

أ- العقيدة القوية لها أكبر الأثر في النصر؛ فهي توحّد شعور الناس، وتجعلهم يتعاطفون ويقاتلون لهدف معيّن معروف، وقد انتصر المسلمون بعقيدتهم في كل معركة خاضوها، تلك العقيدة التي جعلتهم يبذلون أرواحهم وأموالهم رخيصة في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله.

بعد فتح مكة أسلم كثير من رجال قريش، فلما تحرك جيش المسلمين باتجاه حنين، رافقه حوالي ألفين من هؤلاء المسلمين الحديثي الإيمان الذين لم يعرفوا من الاسلام إلا اسمه، إذ لم يمض على إسلامهم وقت كاف لتفهّم تعاليم الاسلام.

رأى حديثو الاسلام في طريقهم مع جيش المسلمين نحو حنين شجرة عظيمة خضراء، فتنادوا من جنبات الطريق: (يا رسول الله! اجعل لنا (ذات أنواط) كما لهم ذات أنواط) «٢» .


(١) - الآية الكريمة من سورة التوبة ٩: ٢٥.
(٢) - ذات أنواط: شجرة بعينها كان المشركون ينوطون بها سلاحهم، أي يعلقونه بها ويعكفون حولها.

<<  <   >  >>