للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشهدوا مع الرسول صلّى الله عليه وسلم في غزوة (حنين) ، وكان المسلمون يعرفون أن هؤلاء لا يزالون على عقيدتهم الأولى، ومع ذلك لم يجبرهم أحد على تبديل دينهم:

(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) «١» ... (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) «٢» ؟!

من هؤلاء صفوان بن أميّة وأبو سفيان بن حرب وكلدة بن الجنيد.

ألم يكن بإمكان المسلمين أن يجبروا هؤلاء على اعتناق الإسلام، بعد أن استسلمت قريش وفتحت مكة أبوابها للمسلمين؟؟

إن القول بأن هدف القتال في الإسلام هو نشر الدعوة هراء لا يستند الى الواقع، ولكنّ هدف القتال هو حماية حرية نشر الدعوة، وحماية الدعوة، وإقرار السلام، وشتان بين الهدفين!

ومع أن الحرب الإسلامية دفاعية لأنها بعيدة عن الظلم والعدوان، إلا أن هذا الدفاع غير مستكن «٣» ، بل هو دفاع تعرّضي كما يسمى في المصطلحات العسكرية الحديثة، ومعناه أن المسلمين لا يبدأون بالاعتداء، ولكنهم يدافعون عن أنفسهم ضد كل اعتداء بالهجوم المضاد لسحق قوات المعتدين.

ب- حرب لتوطيد السلام:

أظهر مشركو المدينة ويهودها بعيد هجرة النبي صلّى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة ميلا الى السلم، فشجّع الرسول صلّى الله عليه وسلم هذا الميل السلمي وعقد معهم معاهدة أمّنت لجميع سكان المدينة حرية الرأى والأمن.

وقد حالف الرسول صلّى الله عليه وسلم كل قبيلة أظهرت رغبتها في السلام كما فعل مع بني ضمرة في غزوة (ودّان) ومع بني مدلج في غزوة (العشيرة) ومع قريش في غزوة (الحديبية) .


(١) - الآية الكريمة من سورة البقرة ٢: ٢٥٦.
(٢) - الآية الكريمة من سورة يونس ١٠: ٩٩.
(٣) - الدفاع المستكن: الدفاع الثابت المحروم من قابلية الحركة للقيام بالهجوم المضاد.

<<  <   >  >>