للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مارسيل بوازار]

«سبق أن كتب كل شيء عن نبى الإسلام- صلّى الله عليه وسلم-، فأنوار التاريخ تسطع على حياته التى نعرفها فى أدق تفاصيلها. والصورة التى خلفها محمد- صلّى الله عليه وسلم- عن نفسه تبدو، حتى وإن عمد إلى تشويهها، علمية فى الحدود التى تكشف فيها وهى تندمج فى ظاهرة الإسلام عن مظهر من مظاهر المفهوم الدينى وتتيح إدراك عظمته الحقيقية ... » «١» .

«لم يكن محمد- صلّى الله عليه وسلم- على الصعيد التاريخى مبشرا بدين وحسب بل كان كذلك مؤسس سياسة غيّرت مجرى التاريخ، وأثرت فى تطور انتشار الإسلام فيما بعد على أوسع نطاق ... » «٢» .

«منذ استقر النبى محمد- صلّى الله عليه وسلم- فى المدينة، غدت حياته جزآ لا ينفصل من التاريخ الإسلامى. فقد نقلت إلينا أفعاله وتصرفاته فى أدق تفاصيلها..

ولما كان منظما شديد الحيوية، فقد أثبت نضالية فى الدفاع عن المجتمع الإسلامى الجنينى، وفى بث الدعوة ... وبالرغم من قتاليته ومنافحته، فقد كان يعفو عند المقدرة، لكنه لم يكن يلين أو يتسامح مع أعداء الدين. ويبدو أن مزايا النبى الثلاث، الورع والقتالية والعفو عند المقدرة قد طبعت المجتمع الإسلامى فى إبان قيامه وجسّدت المناخ الروحى للإسلام ... وكما يظهر التاريخ الرسول- صلّى الله عليه وسلم- قائدا عظيما ملء قلبه الرأفة، يصوره كذلك رجل دولة صريحا قوى الشكيمة له سياسته الحكيمة التى تتعامل مع الجميع على قدم المساواة وتعطى كل صاحب حق حقه. ولقد استطاع بدبلوماسيته ونزاهته أن ينتزع الاعتراف بالجماعة الإسلامية عن طريق المعاهدات فى الوقت الذى كان


(١) إنسانية الإسلام، ص ٤٠- ٤١.
(٢) نفسه، ص ٤٢.

<<  <   >  >>