للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلمية إلى دعوة نضالية. إنه لم يرض بأن يحوّل خدّه الأيسر لمن يضربه على خدّه الأيمن.. بل مشى فى طريقه غير هيّاب، فى يده الواحدة رسالة هداية، يهدى بها من سالموه، وفى يده الثانية سيف يحارب به من يحاربوه. لقد آمن به نفر قليل فى بداية الدعوة، وكان نصيب هذا النفر مثل نصيبه من الاضطهاد والتكفير ... كان هؤلاء باكورة الديانة الإسلامية، والشعلة التى انطلقت منها رسالة محمد- صلّى الله عليه وسلم- «١» .

«كان محمد- صلّى الله عليه وسلم- فى المدينة أكثر اطمئنانا على نفسه وعلى أتباعه ورسالته مما كان فى مكة.. كانت يثرب مدينة العامة التابعة، لا مدينة الخاصة المتبوعة. والعامة دائما أقرب إلى اقتباس كلمة الحق من الخاصة، لاسيما إذا كانت كلمة الحق هذه، تحررها من عبوديتها للخاصة» «٢» .

«محمد بن عبد الله- صلّى الله عليه وسلم- كان ثائرا، عندما أبى أن يماشى أهل الصحراء فى عبادة الأصنام وفى عاداتهم الهمجية وفى مجتمعهم البربرى.

فأضرمها حربا لا هوادة فيها على جاهلية المشركين وأسيادهم وآلهتهم. فكفره قومه واضطهدوه وأضمروا له الموت. فهاجر تحت جنح الليل مع نفر من أتباعه، وما تخلى عن النضال فى نشر دعوته، وما أحجم عن تجريد السيف من أجلها. فأخرج من جاهلية الصحراء عقيدة دينية واجتماعية تجمع بين مئات الملايين من البشر فى أقطار المعمورة» «٣» .


(١) قصة الإنسان، ص ٧٦.
(٢) نفسه، ص ٧٧.
(٣) نفسه، ص ٢٥٢.

<<  <   >  >>