للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[هنرى دى فاسترى]

«إن أشد ما نتطلع إليه بالنظر إلى الديانة الإسلامية ما اختص منها بشخص النبى- صلّى الله عليه وسلم- ولذلك قصدت أن يكون بحثى أولا فى تحقيق شخصيته وتقرير حقيقته الأدبية علّنى أجد فى هذا البحث دليلا جديدا على صدقه وأمانته المتفق تقريبا عليها بين جميع مؤرخى الديانات وأكبر المتشيعين للدين المسيحى» «١» .

«ثبت إذن أن محمدا- صلّى الله عليه وسلم- لم يقرأ كتابا مقدسا ولم يسترشد فى دينه بمذهب متقدم عليه..» «٢» .

«.. ولقد نعلم أن محمدا- صلّى الله عليه وسلم- مرّ بمتاعب كثيرة وقاسى آلاما نفسية كبرى قبل أن يخبر برسالته، فقد خلقه الله ذا نفس تمحّضت للدين ومن أجل ذلك احتاج إلى العزلة عن الناس لكى يهرب من عبادة الأوثان ومذهب تعدد الآلهة الذى ابتدعه المسيحيون وكان بغضهما متمكنا من قلبه وكان وجود هذين المذهبين أشبه بإبرة فى جسمه- صلّى الله عليه وسلم- ولعمرى فيم كان يفكر ذلك الرجل الذى بلغ الأربعين وهو فى ريعان الذكاء ومن أولئك الشرقيين الذين امتازوا فى العقل بحدة التخيّل وقوة الإدراك ... إلا أن يقول مرارا ويعيد تكرارا هذه الكلمات (الله أحد الله أحد) . كلمات رددها المسلمون أجمعون من بعده وغاب عنا معشر المسيحيين مغزاها لبعدنا عن فكرة التوحيد..» «٣» .

«.. لو رجعنا إلى ما وضحه الحكماء عن النبوة ولم يقبل المتكلمون من المسيحيين لأمكننا الوقوف على حالة مشيد دعائم الإسلام وجزمنا بأنه لم يكن من المبتدعين.. ومن الصعب أن تقف على حقيقة سماعه لصوت جبريل- عليه السّلام


(١) الإسلام: خواطر وسوانح، ص ٦.
(٢) نفسه، ص ١٦.
(٣) نفسه، ص ١٦- ١٧.

<<  <   >  >>