للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«.. الحق أننا نتجاوز النقد العلمى الصحيح إذا نحن أنكرنا على كل حديث صحته أو قدمه. ولقد باشر العلماء بمثل هذا التمحيص منذ عهد بعيد فوجدوا أن التحريف أو التلفيق قد لا يعمّان على نسق واحد واستندوا فى ذلك إلى بعض الأحاديث التى يمكن اعتبارها سابقة أو حجة يعتد بها. بمعنى أن الموقف النقدى مفروض على الباحث المنصف. وفقهاء المسلمين أنفسهم هم قدوة لنا فى هذا المضمار لأنهم- على طريقتهم- قد التزموا بذلك الموقف منذ العصر الوسيط» «١» .

[هاملتون كب]

«.. اقتضى الأمر نشوء علم جديد غايته جمع الحديث ونقده وتصنيفه وتنسيقه والحصول فى النهاية- بقدر الإمكان- على مجموعة متفق عليها يتقبلها الجميع. وقد استأثرت هذه المهمة بالكثير من طاقات الفقهاء والعلماء فى القرن الثالث، ولكن القائمين عليها أحرزوا نجاحا حتى أصبح حديث الرسول- صلّى الله عليه وسلم- يعتبر مرجعا ثانيا معتمدا للفقه والعقيدة» «٢» .

«.. يكاد يكون من المؤكد أن الآراء التى تعبر عنها الأحاديث (التى تم جمعها فى القرن الثالث) تمثل تعاليم القرآن ومبادئه الخلقيّة تمثيلا صادقا «٣» .

«إن بدايات التاريخ العلمى بالعربية تقترن بدراسة سيرة الرسول- صلّى الله عليه وسلم- ودراسة أعماله. وعليه فإننا نجد مصدر هذه الدراسة فى جمع الحديث النبوى وبخاصة الأحاديث المتعلقة بمغازى الرسول- صلّى الله عليه وسلم-. وكان موطن هذه الدراسة هو المدينة.. ويفسر لنا ارتباط المغازى بالحديث، هذا الارتباط الذى ترك طابعا لا يمحى فى المنهج التاريخى باستخدام هذا المنهج للإسناد، ما طرأ من تغير هائل ظهر منذ هذه اللحظة فى طبيعة الأخبار التاريخية عند العرب،


(١) نفسه، ١/ ٩٥.
(٢) دراسات فى حضارة الإسلام، ص ٢٠.
(٣) نفسه، ص ٢١.

<<  <   >  >>