للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[روم لاندو]

«.. لم ينسب محمد- صلّى الله عليه وسلم- فى أيّما يوم من الأيام إلى نفسه صفة ألوهية أو قوى أعجوبية. على العكس، لقد كان حريصا على النص على أنه مجرد رسول اصطنعه الله لإبلاغ الوحى للناس» «١» .

«كان محمد- صلّى الله عليه وسلم- تقيا بالفطرة، وكان من غير ريب مهيّأ لحمل رسالة الإسلام التى تلقاها.. وبالإضافة إلى طبيعته الروحية، كان فى سرّه وجهره رجلا عمليا عرف مواطن الضعف ومواطن القوة فى الخلق العربى، وأدرك أن الإصلاحات الضرورية ينبغى أن تقدم إلى البدو الذين لا يعرفون انضباطا وإلى المدنيين الوثنيين، وفى آن معا، على نحو تدريجى.. وفى الوقت نفسه كان محمد صلّى الله عليه وسلم- يملك إيمانا لا يلين بفكرة الإله الواحد.. وعزما راسخا على استئصال كل أثر من آثار عبادة الأصنام التى كانت سائدة بين الوثنيين العرب» «٢» .

«كانت مهمة محمد- صلّى الله عليه وسلم- هائلة. كانت مهمة ليس فى ميسور دجال تحدوه دوافع أنانية (وهو الوصف الذى رمى به بعض الكتاب الغربيين المبكرين الرسول العربى صلّى الله عليه وسلم) أن يرجو النجاح فى تحقيقها بمجهوده الشخصى، إن الإخلاص الذى تكشف عنه محمد- صلّى الله عليه وسلم- فى أداء رسالته، وما كان لأتباعه من إيمان كامل فى ما أنزل عليه من وحى، واختبار الأجيال والقرون، كل أولئك يجعل من غير المعقول اتهام محمد- صلّى الله عليه وسلم- بأيه ضرب من الخداع المتعمد. ولم يعرف التاريخ قط أى تلفيق (دينى) متعمد استطاع أن يعمر طويلا. والإسلام لم يعمر حتى الآن ما ينوف على ألف وثلاثمائة سنة وحسب، بل إنه لا يزال يكتسب، فى كل عام، أتباعا جددا. وصفحات التاريخ لا تقدم إلينا مثلا واحدا


(١) الإسلام والعرب، ص ٣٢.
(٢) نفسه، ص ٣٣.

<<  <   >  >>