للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مونتغمرى (مونتجمرى) وات]

«منذ أن قام كارليل بدراسته عن محمد- صلّى الله عليه وسلم- فى كتابه «الأبطال وعبادة البطل» أدرك الغرب أن هناك أسبابا وجيهة للاقتناع بصدق محمد. إذ أن عزيمته فى تحمل الاضطهاد من أجل عقيدته، والخلق السامى للرجال الذين آمنوا به، وكان لهم بمثابة القائد، وأخيرا عظمة عمله فى منجزاته الأخيرة، كل ذلك يشهد باستقامته التى لا تتزعزع. فاتهام محمد- صلّى الله عليه وسلم- بأنه دجال MI posteur -يثير من المشاكل أكثر مما يحلّ. ومع ذلك فليس هناك شخصية كبيرة فى التاريخ حط من قدرها فى الغرب كمحمد- صلّى الله عليه وسلم-. فقد أظهر الكتاب الغربيون ميلهم لتصديق أسوأ من الأمور عن محمد- صلّى الله عليه وسلم- وكلما ظهر أى تفسير نقدى لواقعة من الوقائع ممكنا قبوله. ولا يكفى، مع ذلك، فى ذكر فضائل أن نكتفى بأمانته وعزيمته إذا أردنا أن نفهم كل شيء عنه. وإذا أردنا أن نصحح الأغلاط المكتسبة من الماضى بصدده فيجب علينا فى كل حالة من الحالات، لا يقوم الدليل القاطع على ضدها، أن نتمسك بصلابة بصدقه.

ويجب علينا أن لا ننسى عندئذ أيضا أن الدليل القاطع يتطلب لقبوله أكثر من كونه ممكنا وأنه فى مثل هذا الموضوع يصعب الحصول عليه..» «١» .

«هناك- على العكس- أسباب قوية تؤكد صدق محمد- صلّى الله عليه وسلم- ونستطيع فى مثل هذه الحالة الخاصة أن نبلغ درجة عالية من اليقين، لأن النقاش حول هذه المسألة.. يعتمد على وقائع ولا يمكن أن يتضمن خلافا فى التقدير حول الأخلاقية..» «٢» .

«.. ليس توسع العرب شيئا محتوما أو آليا وكذلك إنشاء الأمة الإسلامية.

ولولا هذا المزيج الرائع من الصفات المختلفة التى نجدها عند محمد- صلّى الله عليه وسلم- لكان من غير الممكن أن يتم هذا التوسع، ولاستنفدت تلك القوى الجبارة فى غارات على سوريا والعراق دون أن تؤدى لنتائج دائمة. ونستطيع أن نميز ثلاث هبات مهمة أوتيها محمد- صلّى الله عليه وسلم- وكانت كل واحدة منها ضرورية لإتمام عمل


(١) محمد فى مكة، ص ٩٤.
(٢) نفسه، ص ٤٩٧- ٤٩٨.

<<  <   >  >>