للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(من الخفض ضد الرفع فكان إذا نظر لم ينظر إلى شيء يخفض بصره لأن هذا من شأن من يكون دائم الفكرة لاشتغال قلبه بربه) ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وكان جل نظره الملاحظة (المراد أنه لم يكن نظره إلى الأشياء كنظر أهل الحرص والشره بل بقدر الحاجة) ، يسوق أصحابه أمامه (أى يقدمهم أمامه، ويمشى خلفهم تواضعا، أو إشارة إلى أنه كالمربى، فينظر فى أحوالهم وهيئتهم، أو رعاية للضعفاء وإغاثة للفقراء، أو تشريعا، وتعليما، وفى ذلك رد على أرباب الجاه وأصحاب التكبر والخيلاء) ، وكان صلّى الله عليه وسلم يبدر من لقى بالسلام.

لقد كان النبى صلّى الله عليه وسلم من أكمل الناس شرفا وألطفهم طبعا وأعدلهم مزاجا وأسمحهم صلة وأنداهم يدا لأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات.

وقد أكد الرسول صلّى الله عليه وسلم على التواضع فى جملة فى الأحاديث منها:

قوله صلّى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائه خلقا» .

وقوله صلّى الله عليه وسلم: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» ، صحيح رواه أبو داود.

[العفو عند الخصام]

عن أبى هريرة رضي الله عنه، أن رجلا شتم أبا بكر والنبى صلّى الله عليه وسلم جالس يتعجب ويبتسم، فلما أكثر ردّ عليه بعض قوله، فغضب النبى صلّى الله عليه وسلم، فلحقه أبو بكر قائلا له: يا رسول الله كان يشتمنى وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت!!.

فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كان معك ملك يرد عليه، فلما رددت عليه وقع الشيطان (أى حضر) يا أبا بكر ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضى (أى يعفو) عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطيّة (أى باب صدقة يعطيها لغيره) يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة (أى يسأل الناس المال) يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلّة» .

<<  <   >  >>