للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ (الحشر: ٩) .

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «قال لى رسول الله صلّى الله عليه وسلم: يا بنىّ إن قدرت أن تصبح وتمسى ليس فى قلبك غش لأحد فافعل» ، ثم قال لى: يا بنى وذلك من سنتى، ومن أحيا سنتى فقد أحبنى، ومن أحبنى كان معى فى الجنة» .

فمن اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبة لله ورسوله، ومن خالفها فى بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبة ولا يخرج عن اسمها.

ومن علامات محبته صلّى الله عليه وسلم:

الإيثار أى إيثاره صلّى الله عليه وسلم على النفس كما يدل عليه قوله تعالى:

وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الحشر: ٩) .

والآية وإن كانت عامة فى إيثار المهاجرين إلا أنه صلّى الله عليه وسلم هو رئيس المهاجرين وقائدهم، وهو المحبوب الأول من الخلق أساسا، وأما غيره فتبع له بحسب قربهم إليه صلّى الله عليه وسلم ومتابعتهم إياه.

ومن علامات محبته صلّى الله عليه وسلم أيضا: بغض من أبغض الله ورسوله مهما كانت صلته ورتبته لقوله تعالى:

لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ

(المجادلة: ٢٢) .

يقول ابن كثير فى تفسير هذه الآية:

قيل فى قوله تعالى: وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ: نزلت فى أبى عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر، وأَوْ أَبْناءَهُمْ فى الصديق لابنه عبد الرحمن، أَوْ عَشِيرَتَهُمْ: فى عمر قتل قريبا له يومئذ أيضا..» .

<<  <   >  >>