للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يتصرفون فيه ويمتنع من حكمهم ولا يمتنعون من حكمه فيكون وحده الإله وهم العبيد المربوبون وانتظام أمر العالم العلوي والسفلي وارتباط بعضه ببعض وجريانه على نظام محكم لا يختلف ولا يفسد. من أدل دليل على أن مدبره واحدٌ لا إله غيره كما دل دليل التمانع على أن خالقه واحد لا إله غيره فذاك تمانع في الفعل والإيجاد وهذا تمانع في العبادة والإلهية فكما يستحيل أن يكون للعالم ربان خالقان متكافئان يستحيل أن يكون له إلهان معبودان. ثم ختم الآية بتنزيهه سبحانه عن كل نقص وعيب وعما يصفه به المخالفون للرسل. وقوله عالم الغيب يخبر تعالى وهو أصدق قائل أنه يعلم ما غاب عن العباد وما شاهدوه. والغيب ينقسم قسمين غيب مطلق وغيب مقيد فالمطلق لا يعلمه إلا الله وهو ما غاب عن جميع المخلوقين. قال تعالى: (قل لا يعلم الغيب إلا الله) وقال (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً) والقسم الثاني غيب مقيد وهو ما علمه بعض المخلوقات من الجن والأنس. فهو غيب عمن غاب عنه وليس هو غيباً عمن شهده فيكون غيباً مقيداً وقوله فتعالى الخ أي تنزه وتقدس وعلا عما لا يليق بجلاله وعظمته فله العلو المطلق بأنواعه الثلاثة: علو القدر وعلو البهر وعلو الذات وفي الآية رد على اليهود

والنصارى والمشركين. وفيها رد على القدرية وفيها إثبات صفة العلم فهو سبحانه يعلم السابق والحاضر والمستقبل ويعلم نفسه الكريمة ونعوته المقدسة وأوصافه العظيمة وهي الواجبات التي لا يمكن إلا وجودها. ويعلم الممتنعات حال امتناعها ويعلم ما

<<  <   >  >>