للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإن العبد الكافر (وفي رواية الفاجر) إذا كان في انقطاع من الآخرة، وإقبال من الدنيا، نزل إليه من السماء ملائكة [غلاظ شداد] سود الوجوه، معهم المسوح (١) [من النار] فيجلسون منه مدَّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود [الكثير الشعب] من الصوف المبلول، [فتقطع معها العروق والعصب] " (٢) .

وما يحدث للميت حال موته لا نشاهده ولا نراه، وإن كنا نرى آثاره، وقد حدثنا ربنا تبارك وتعالى عن حال المحتضر فقال: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ - وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ - وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ) [الواقعة: ٨٣-٨٥] : والمتحدث عنه في الآية الروح عندما تبلغ الحلقوم في حال الاحتضار، ومن حوله ينظرون إلى ما يعانيه من سكرات الموت، وإن كانوا لا يرون ملائكة الرحمن التي تسلُّ روحه (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ) [الواقعة: ٨٥] كما قال تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) [الأنعام: ٦١] .


(١) جمع المسح، بكسر الميم، هو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفاً، وقهراً للبدن.
(٢) جمع الشيخ ناصر الدين الألباني جميع روايات هذا الحديث، وساقه سياقاً واحداً ضاماً إليه جميع الزوائد والفوائد التي وردت في جميع طرقه الثابتة في كتابه القيم: (أحكام الجنائز: ص٥٩) ، وقد عزاه الشيخ إلى أبي داود (٢/٢٨١) والحاكم (١/٢٧-٤٠) والطيالسي (رقم ٧٥٣) وأحمد (٤/٢٨٧، ٢٨٨، ٢٩٥، ٢٩٦) والسياق له، والآجري في الشريعة (٣٦٧-٣٧٠) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي، وهو كما قالا، وصححه ابن القيم في أعلام الموقعين (١/٢١٤) وتهذيب السنن (٤/٣٣٧) ، ونقل فيه تصحيحه عن أبي نعيم وغيره.

<<  <   >  >>