للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي برأي العين من المدينة، نشاهدها وهي ترمي بشرر كالقصر، كما قال الله تعالى، وهي بموضع يقال له أجيلين. وقد سال من هذه النار واد يكون مقداره أربع فراسخ، وعرضه أربعة أميال، وعمقه قامة ونصف، وهي تجري على وجه الأرض، ويخرج منها أمهاد وجبال صغار، وتسير على وجه الأرض وهو صخر يذوب حتى يبقى مثل الآنك. فإذا جمد صار أسود، وقبل الجمود لونه أحمر، وقد حصل بسبب هذه النار إقلاع عن المعاصي، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة إلى أهلها ".

قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: " ومن كتاب شمس الدين بن سنان ابن عبد الوهاب بن نميلة الحسيني قاضي المدينة إلى بعض أصحابه: لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة حدث بالمدينة بالثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها، وباتت باقي تلك الليلة تزلزل كل يوم وليلة قدر عشر نوبات، والله لقد زلزلت مرة ونحن حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب لها المنبر إلى أن أوجسنا منه إذ سمعنا صوتاً للحديد الذي فيه، واضطربت قناديل الحرم الشريف، وتمت الزلزلة إلى يوم الجمعة ضحى، ولها دوي مثل دوي الرعد القاصف، ثم طلع يوم الجمعة في طريق الحرة في رأس أجيلين نار عظيمة مثل المدينة العظيمة، وما بانت لنا إلا ليلة السبت، وأشفقنا منها وخفنا خوفاً عظيماً، وطلعت إلى الأمير كلمته وقلت له: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله تعالى، فأعتق كل مماليكه، ورد على جماعة أموالهم، فلما فعل ذلك قلت: اهبط الساعة معنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهبط وبتنا ليلة السبت والناس جميعهم والنسوان وأولادهم، وما بقي أحد لا في النخيل ولا في المدينة إلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سال منها نهر من نار، وأخذ في وادي أجيلين وسد الطريق، ثم طلع إلى بحرة الحاج، وهو بحر نار يجري، وفوقه جمر يسير إلى أن

<<  <   >  >>