للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فكشف عن وجهه، وقال رضي الله عنه، ليس كذلك، ولكن قولي: (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (١) [ق: ١٩] .

ولا شك أن الكافر والفاجر يعانيان من الموت أكثر مما يعاني منه المؤمن، فقد سقنا طرفاً من حديث البراء بن عازب وفيه: " أن روح الفاجر والكافر تفرق في جسده عندما يقول له ملك الموت: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، وأنه ينتزعها كما ينتزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب ".

ووصف لنا القرآن الكريم الشدة التي يعاني منها الكفرة (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) [الأنعام: ٩٣] .

وهذا الذي وصفته الآية يَحْدُثُ - كما يقول ابن كثير - إذا بشر ملائكة العذاب الكافر بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم والحميم وغضب الرحمن، فتفرق روحه في جسده وتعصي وتأبي الخروج، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين: (أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ) [الأنعام: ٩٣] ، وقد فسر ابن كثير بسط الملائكة أيديهم في قوله: (وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ) [الأنعام: ٩٣] بالضرب، ومعنى الآية هنا


(١) رواه ابن أبي الدنيا، وقد قال ابن كثير في تفسيره: (٦/٤٠١) بعد سياقه له: لهذا الأثر طرق كثيرة.

<<  <   >  >>