للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: فقلت: متى فعلت عينك ما أرى؟ قال: لا أدري. قال: قلت: لا تدري وهي في رأسك؟ قال: إن شاء الله خلقها في عصاك هذه، قال فنخر كأشد نخير حمار (١) سمعت، قال: فزعم أصحابي أني ضربته بعصا كانت معي حتى تكسرت، وأما أنا، فو الله ما شعرت. وفي رواية أخرى في مسلم أن ابن عمر قال له قولاً أغضبه، فانتفخ حتى ملأ السِّكة (٢) ، فدخل ابن عمر على حفصة وقد بلغها، فقالت له: رحمك الله، ما أردت من ابن صائد؟ أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنما يخرج من غضبة يغضبها " (٣) .

ويروي مسلم أيضاً عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا حجاجاً أو عماراً ومعنا ابن صائد، قال فنزلنا منزلاً، فتفرق الناس، وبقيت أنا وهو، فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه، قال: وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي، فقلت: إن الحر الشديد، فلو وضعته تحت تلك الشجرة، قال: ففعل، قال: فرفعت لنا غنم، فانطلق فجاء بعسّ (٤) ، فقال: اشرب أبا سعيد. فقلت: إن الحر شديد، واللبن حار. ما بي إلا أني أكره أن أشرب عن يده - أو قال: آخذ عن يده - فقال (٥) : أبا سعيد، لقد هممت أن آخذ حبلاً فأعلقه بشجرة، ثم أختنق مما يقول لي الناس، يا أبا سعيد، من خفي عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خفي عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو كافر " وأنا مسلم؟ أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هو


(١) النخير: صوت الأنف.
(٢) أي: الطريق.
(٣) صحيح مسلم: (٤/٢٢٤٧) ورقمه: (٢٩٣٢) .
(٤) القدح الكبير.
(٥) أي ابن صياد.

<<  <   >  >>