للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أبواب يجيز أهل الحديث تخفيف شروط القبول في مثلها كأبواب المغازي والمناقب والترغيب والترهيب.

ومع قلة ما قواه من أحاديث لا يثبت فيها اللقاء نصًا إلا أن هذا يؤكد على أنه - رحمه الله - نظر إلى مسألة اشتراط اللقاء في السند المعنعن على أنها وسيلة وليست غاية، إذ الغاية هي أن لا يدخل في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس منه، وما اشتراط اللقاء إلا وسيلة للكشف عن الأسانيد التي فيها شبهة انقطاع خشية أنيكون فيها من لا يحتج بحديثه، فإذا غلب على الظن - بعد اتخاذ الاحتياطات اللازمة - أن اللقاء محتمل احتمالاً قويًا جدًا فما الذي يمنع من تقوية السند بعد ذلك؟!. ومن هنا يظهر أنه - رحمه الله - لم يتعامل مع المسألة بجمود وحرفية بل أعطى للقرائن حقها من النظر ولم يهملها - فلله دره من إمام قل نظيره-.

الثانية: يختلف موقف البخاري عن مسلم في نقطة احتمال اللقاء، أن مسلمًا يكتفي بمجرد الاحتمال، وأما البخاري فيزيد على ذلك - في الأحاديث التي قواها ولم يثبت فقيها اللقاء نصًا - بأن يكون الاحتمال قويًا وظاهرًا.

فتكون المسألة على ثلاث مراتب:

١- ما ثبت فيه اللقاء. وكل الأحاديث التي قواها البخاري - إلا القليل النادر - اللقاء فيها ثابت.

٢- ما لم يثبت فيه اللقاء ولكن احتمال اللقاء راجح لقوته وظهوره، وقد قوى البخاري بعض الأحاديث القليلة من هذه المرتبة.

٣- ما لم يثبت فيه اللقاء مع وجود إمكانيته واحتماله فهذا لا يقبله البخاري، وأما مسلم فيحتج بالمراتب الثلاث كلها.

وسيأتي - إن شاء الله - مزيد بيان لهذه النقطة في الباب الرابع.

<<  <   >  >>