للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثابتة فيضاف إلى التضعيف سبب آخر وهو عدم الاتصال على مذهب مسلم. والغالب في المجهولين عدم معرفة معاصرتهم لمن حدثوا عنه لقلة ما يرويه الواحد منهم، ولندرة المعلومات عنهم في كتب الجرح والتعديل.

ويبقى سؤال مهم يرد على معنى "الثقة" عند مسلم: هل يشمل الصدوق الذي خف ضبطه وانحط عن رتبة الحافظ المتقن أم لا؟

والذي أراه أن كلمة "الثقة" الواردة في سياق كلام مسلم يدخل فيها كل من يحتج به ويشمل ذلك الحافظ المتقن، والصدوق أيضًا، وقد قال مسلم في القسم الأول من الرواة الذين أخرج حديثهم في صحيحه واحتج به: (فأما القسم الأول، فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث وإتقان لما نقلوا لم يوجد في رواياتهم اختلاف شديد، ولا تخليط فاحش كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم) (١) .

ومن تأمل هذا الكلام بأن له أنه ينطبق على الصدوق أيضًا لأن مرتبة الصدوق لا يدخل فيها من كان في رواياته اختلاف شديد، أو تخليط فاحش.

ويؤيد ما قلته أن مسلمًا أكمل كلامه الآنف بقوله: (فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس، أتبعناها أخبارًا يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان. كالصنف المقدم قبلهم) .

والصدوق غير مدفوع عن الحفظ والإتقان، وإنما يؤخذ عليه وجود بعض الأوهام في حديثه لخفة ضبطه وإتقانه، والذي ينطبق عليه كلام مسلم في قوله: (من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان) أولئك الأشخاص الذين سماهم في تتمة كلامه الآنف إذ قال: (وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم بشملهم كعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم، وأضرابهم من حمال الآثار، ونقال الأخبار) .

وهؤلاء قد ضعفهم أهل العلم من أئمة الجرح والتعديل لذلك لم يصفهم مسلم إلا بالستر، والصدق، وتعاطي العلم، ولم يذكرهم بالحفظ والإتقان،


(١) مقدمة صحيح مسلم (١/٥) .

<<  <   >  >>