للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معاصرته أصلاً، فسبحان من له الكمال المطلق) (١) .

والشيخ المعلمي رغم تعجبه من تصرف ابن حجر إلا أنه في موضع آخر مال إلى رأيه مع بعض التوقف فقال: (لا يكفي احتمال المعاصرة، لكن إذا كان الشيخ غير مسمى ففي كلامهم ما يدل على أنه يحكم بالاتصال وذلك فيما إذا جاءت الرواية عن فلان التابعي "عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " ونحو ذلك راجح (فتح المغيث) ص٦٢، والفرق بين التسمية والإبهام أن ظاهر الصيغة السماع، والثقة إذا استعملها في غير السماع ينصب قرينة، فالمدلس يعتد بأنه قد عرف منه التدليس قرينة وأما غيره فإذا سمى شيخًا ولم يثبت عندنا معاصرته له فمن المحتمل أنه كان معروفًا عند أصحابه أنه لم يدركه فاعتد بعلمهم بذلك قرينة، وأهل العلم كثير ما ينقلون في ترجمة الراوي بيان من حدث عنهم ولم يلقهم، بل أفردوا ذلك بالتصنيف "كمراسيل ابن أبي حاتم" وغيره، ولم يعنوا بنقل عدم الإدراك لكثرته. فاكتفوا باشتراط العلم بالمعاصرة.

فأما إذا أبهم فلم يسم فهذا الاحتمال منتف لأن أصحاب ذاك التابعي لم يعرفوا عين ذلك الصحابي فكيف يعرفون أنه لم يدركه أو أنه لم يلقه؟ ففي هذا تنتفي القرينة وإذا انتفت ظهر السماع والإلزام والتدليس، والغرض عدمه. هذا ما ظهر لي، وعندي فيه توقف) (٢) .

والراجح في نظري ما قاله أحمد بن حنبل، وأبوبكر الصيرفي والحافظ زين الدين العراقي من أن حديث التابعي عن صحابي مبهم لا يقبل إلا إذا صرح التابعي بلقائه أو سماعه من ذلك الصحابي.

ومقتضى كلام مسلم في اشتراط العلم بالمعاصرة، وظاهر صنيعه في "صحيحه" يستدل بهما على أن حديث التابعي عن صحابي مبهم لا يقبل إلا إذا تحقق ثبوت المعاصرة وإلا فلابد من التصريح باللقاء أو السماع إذا كانت المعاصرة غير معلومة، وأحاديث التابعين عن صحابة مبهمين التي أخرجها مسلم في صحيحه في غير المتابعات، وذكرتها قبل قليل دالة على ذلك.


(١) عمارة القبور (ل٨٨ - ٨٩) .
(٢) التنكيل (١/٨٤) .

<<  <   >  >>