للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تدفعه إلى الشدة في الدفاع عنها، فالظاهر أن شدة مسلم ناشئة من هذا الباب) (١) (٢) .

الثانية: أنه أقام رده على مخالفه باستخدام أسلوب الإلزام، فألزمه برد كل الأسانيد المعنعنة، وألزمه أيضًا بتضعيف أحاديث صححها أهل العلم ولا يثبت فيها اللقاء، وهذه الإلزامات غير ملزمة للمخالف.

وهذا الأسلوب كثيرًا ما يكون غير مفحم للخصم، وبرهان ذلك أن العلماء الذين ناقشوا مسلمًا أوضحوا أن ما ذكره مسلم غير ملزم للبخاري أو لمن مشى على قوله، وقد ذكرت ذلك أثناء مناقشة أدلة ملم فيما سبق.

وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى ما ذكرته عندما قال ردًا على مسلم: (وإنما كان يتم له النقض والإلزام لو رأى في صحيح البخاري حديثًا معنعنًا لم يثبت لقي راويه لشيخه فيه، فكان ذلك واردًا عليه، وإلا فتعليل البخاري لشرطه المذكور متجه) (٣) (٤) .

فالمسلك الذي سلكه مسلم غير دقيق، وكان الأولى أن يبين الأخطاء التطبيقية لمخالفه، لأن كثيرًا من الإلزامات - عند التحقيق - لا تكون ملزمة لمن وجهت إليه لذا قال العلماء: لازم المذهب ليس من المذهب، أو لازم القول ليس من القول.

الثالثة: وقع مسلم في بعض الأخطاء المؤثرة كنفيه القاطع أن يكون أحد من علماء الحديث المتقدمين فتش عن مواضع السماع في الأسانيد، وقد سقت نصوصًا كثيرة (٥) (٦) تبين أن مسلمًا - رحمه الله - لم يصب في نفيه ذلك.

كذلك ساق - رحمه الله - عدة أسانيد وذكر أن اللقاء فيها غير معلوم بين التابعي والصحابي وهي صحيحة عند أهل العلم، وقد ذكر عدد من العلماء أن اللقاء ثابت في بعض تلك الأسانيد، بل إن أحدها قد ثبت فيه السماع عند مسلم


(١) التتمة الثالثة الملحقة بكتاب الموقظة (ص١١٥) .
(٢) النكت على كتاب ابن الصلاح (٢/٥٩٨) .
(٣) ينظر الباب الأول، الفصل الرابع "الجذور التاريخية للمسألة"، والباب الثالث، الفصل الثالث "أدلة الاكتفاء بالمعاصرة عند مسلم وغيره من العلماء ومناقشتها" مناقشة الدليل الأول.
(٤)
(٥)
(٦)

<<  <   >  >>