للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عبد البر: (اعلم ـ وفقك الله ـ أني تأملت أقاويل أئمة أهل الحديث، ونظرت في كتب من اشترط الصحيح في النقل منهم، ومن لم يشترطه، فوجدتهم أجمعوا على قبول الإسناد المعنعن لا خلاف بينهم في ذلك إذا جمع شروطاً ثلاثة، وهي:

١ ـ عدالة المحدثين في أحوالهم.

٢ ـ ولقاء بعضهم بعضاً مجالسة ومشاهدة.

٣ ـ وأن يكونوا براء من التدليس (١) .

وقال أبو عبد الله الحاكم: (هذا النوع من هذه العلوم هو معرفة الأحاديث المعنعنة، وليس فيها تدليس، وهي متصلة بإجماع أئمة أهل النقل على تورع رواتها عن أنواع التدليس) (٢) .

وقال الخطيب البغدادي: (وأهل الحديث مجمعون على أن قول المحدث حدثنا فلان عن فلان صحيح معمول به، إذا كان شيخه الذي ذكره يُعرف أنه قد أدرك الذي حدث عنه ولقيه، وسمع منه، ولم يكن هذا المحدث ممن يدلس، ولا يعلم أنه يستجيز إذا حدثه به أن يسقط ذلك، ويروي الحديث عالياً، فيقول: حدثنا فلان عن فلان، أعني الذي لم يسمعه منه، لأن الظاهر من الحديث السالم من رواية ما وصفنا، الاتصالًُ وإن كانت العنعنة هي الغالبة على إسناده) (٣) .

وقال ابن الصلاح: (والصحيح والذي عليه العمل أنه من قبيل الإسناد المتصل، وإلى هذا ذهب الجماهير من أئمة الحديث وغيرهم، وأودعه المشترطون للصحيح في تصانيفهم وقبلوه.. وهذا بشرط أن يكون الذين أضيفت العنعنة


(١) التمهيد (١/١٢) .
(٢) معرفة علوم الحديث (ص٣٤) تحت عنوان " ذكر النوع الحادي عشر من علوم الحديث ".

وفي كلام الحاكم إجمال نبّه عليه ابن رشيد في "السنن الأبين" (ص٣٥) قال: (لابد أن يكون مراد الحاكم ثبوت المعاصة أو السماع، إذ لا يقبل معنعن من لم تصح له معاصرة، فلابد من قيد) .
(٣) الكفاية (ص ٣٢٨) .

<<  <   >  >>