للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يلبي على الصفا لعدم وروده ويأتي حكم التلبية في السعي إن شاء الله تعالى ثم ينزل من الصفا فيمشي حتى يبقى بينه وبين العلم وهو الميل الأخضر في ركن المسجد على يساره نحو ستة أذرع فيسعى ماش بالتنوين فاعل يسعى سعياً شديداً ندباً بشرط أن لا يؤذي ولا يؤذى حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين وهما العلمان أحدهما بركن المسجد والآخر بالوضع المعروف بدار العباس، وقد أزيلت الدار للتوسعة وهما بعد العمارة الجديدة بجداري المسعى، فيترك شدة السعي حتى يأتي المروة، وهي أنف جبل قيقعان فيرقى عليها ويستقبل القبلة ويقول عليها ما قال على الصفا لما في حديث جابر، قال ابن القيم رحمه الله: (ثم نزل صلى الله عليه وسلم من الصفا إلى المروة يمشي فلما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا جاوز الوادي وأصعد مشى) هذا الذي صح عنه وذلك اليوم قبل الميلين الأخضرين في أول السعي وآخره، والظاهر أن الوادي لم يتغير عن وضعه هكذا، قال جابر عنه في صحيح مسلم: وظاهر هذا أنه كان ماشياً، وقد روى مسلم في صحيحه عن ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: (طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة ليراه الناس وليشرف ولم يطف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً) .

قال ابن حزم: لا تعارض بينهما لأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله وانصبت قدماه أيضاً مع سائر جسده، وعندي في الجمع بينهما وجه آخر أحسن من هذا، وهو أنه سعى ماشياً أولاً ثم أتم سعيه راكباً وقد جاء ذلك مصرحاً به، ففي صحيح مسلم عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكباً أسنة هو؟ فإن قومك يزعمون أنه سنة، قال صدقوا وكذبوا: قال قلت: ما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>