للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان يوم التروية أحرم فيفعل كما فعل عند الميقات إن شاء أحرم من مكة وإن شاء من خارج مكة هذا هو الصواب، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إنما أحرموا كما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم من البطحاء، والسنة أن يحرم من الموضع الذي هو نازل فيه وكذلك المكي يحرم من أهله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (من كان منزله دون مكة فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة) . انتهى.

قال ابن القيم رحمه الله: وكان صلى الله عليه وسلم يصلي مدة مقامه بمكة بمنزله الذي هو نازل فيه بالمسلمين بظاهر مكة يعني بالأبطح فأقام بظاهر مكة أربعة أيام يقصر الصلاة يوم الأحد، والاثنين والثلاثاء والأربعاء، فلما كان يوم الخميس ضُحى توجه بمن معه من المسلمين إلى منى فأحرم بالحج من كان أحل منهم من رحالهم ولم يدخلوا إلى المسجد ليحرموا منه بل أحرموا ومكة خلف ظهورهم فلما وصل إلى منى نزل بها وصلى بها الظهر والعصر وبات بها وكان ليلة الجمعة انتهى. ولا يخطب يوم السابع بعد صلاة الظهر بمكة لعدم وروده ثم يخرج يوم التروية من مكة محرماً إلى منى قبل الزوال فيصلي بها الظهر مع الإمام ويبيت بمنى إلى أن يصلي مع الإمام الفجر لقول جابر: وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وهذا قول سفيان ومالك والشافعي وإسحق وأصحاب الراي، وليس ذلك واجباً بل سُنة لأن عائشة تخلفت ليلة عرفة حتى ذهب ثلثا الليل، وإن أحرم قبل يوم التروية كان ذلك جائزاً، وقد روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال لأهل مكة ما لكم يقدم الناس عليكم شعثا إذا رأيتم الهلال فأهلوا بالحج، وهذا مذهب ابن الزبير وقال الإمام مالك: من كان بمكة فأحب أن يهل من المسجد لهلال

<<  <  ج: ص:  >  >>