للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

إليك تعدو قلقاً وضينها ... معترضاً في بطنها جنينها.

مخالفاً دينَ النصارى دينها ... قد ذهب الشحم الذي يزينها.

واعترض الثاني بأن نزول العذاب على أصحاب الفيل إنما كان بمحل يسمى المغمس بفتح الميم الثانية وقد تكسر، بل المعروف أن الفيل المذكور لم يدخل الحرم أصلا انتهى، وقائل هذه الأبيات أبو علقمة أخو أسقف نجران لأمه وابن عمه لما توجه يريد النبي صلى الله عليه وسلم، والوضين بطان عريض منسوج من سيور أو شعر، أو لا يكون إلا من جلد كما في القاموس، والقلق: الانزعاج والله أعلم.

قال ابن القيم رحمه الله: فلما أتى صلى الله عليه وسلم بطن محسر حرك ناقته وأسرع السير، وهذه كانت عادته في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه فإن هنالك أصاب أصحاب الفيل ما قص الله علينا؛ ولذلك سمي ذلك الوادي وادي محسر لأن الفيل حسر فيه: أي أعيي وانقطع عن الذهاب، وكذلك فعل في سلوكه الحجر وديار ثمود فإنه تقنع بثوبه وأسرع السير، ومحسر برزخ بين منى وبين مزدلفة لا من هذه ولا من هذه، وعرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام، فبين كل مشعرين برزخ ليس منهما، فمنى من الحرم وهي مشعر، ومحسر من الحرم وليس بمشعر ومزدلفة حرم ومشعر، وعرنة ليست مشعراً وهي من الحل، وعرفة حل ومشعر انتهى كلامه رحمه الله، ويكون في دفعه من مزدلفة إلى منى ملبياً إلى أن يرمي جمرة العقبة لقول الفضل بن العباس: (لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة) رواه مسلم مختصراً، وجمرة العقبة آخر الجمرات مما يلي منى وأولها مما يلي مكة؛ وهي الجمرة الكبرى وليست من منى، بل هي حد من جهة مكة، وهي التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار عندها على الهجرة، والجمرة

<<  <  ج: ص:  >  >>