للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك وأبي حنيفة والشافعي: وعن أحمد أنه ليس بنسك وإنما هو إطلاق من محظور كان محرماً عليه بالإحرام فأطلق فيه عند الحل كاللباس وقتل الصيد والطيب وسائر محظورات الإحرام، فعلى هذه الرواية لا شيء على تاركه ويحصل الحل بدونه، ووجهها (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالحل من العمرة قبله) فروى أبو موسى، قال: (قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي بِمَ أهللت؟ قلت لبيك بإهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحسنت فأمرني فطفت بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قال لي أحل) . متفق عليه. وعن جابر (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سعى بين الصفا والمروة قال: من كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة) . رواه مسلم. ولأن ما كان محرماً في الإحرام إذا أبيح كان إطلاقا من محظور كسائر محرماته، والرواية الأولى أصح فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به، فروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبين الصفا والمروة وليقصر وليحل) .

وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحلوا إحرامكم بطواف بالبيت وبين الصفا والمروة وقصروا) وأمره يقتضي الوجوب ولأن الله تعالى وصفهم به بقوله سبحانه: (محلقين رءوسكم ومقصرين) ولو لم يكن من المناسك لما وصفهم به كاللبس وقتل الصيد ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ترحم على المحلقين ثلاثاً وعلى المقصرين مرة ولو لم يكن من المناسك لما دخله التفضيل كالمباحات، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فعلوه في جميع حجهم وعمرهم ولم يخلوا به ولو لم يكن نسكاً لما داوموا عليه بل لم يفعلوه لأنه لم يكن من عادتهم فيفعلوه عادة ولا فيه فضل فيفعلوه لفضله. وأما أمره بالحل فإنما معناه والله أعلم الحل بفعله، لأن ذلك كان مشهوراً عندهم فاستغنى عن ذكره، ولا يمتنع الحل من العبادة بما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>