للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أبا بكر السلام عليك يا أبت ثم ينصرف، وهكذا كان الصحابة يسلمون عليه، ويسلمون عليه مستقبلي الحجرة مستدبري القبلة عند أكثر العلماء كمالك والشافعي وأحمد، واتفقوا على أنه لا يستلم الحجرة ولا يقبلها ولا يطوف بها ولا يصلي إليها، وإذا قال في سلامه السلام عليك يا رسول الله يا خيرة الله من خلقه يا أكرم الخلق على ربه يا إمام المتقين فهذا كله من صفاته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، وكذلك إذا صلى عليه مع السلام عليه فهذا مما أمر الله به، ولا يدعو هناك مستقبلاً للحجرة فإن هذا كله منهي عنه باتفاق الأئمة، ولا يقف عند القبر للدعاء لنفسه فإن هذا بدعة ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده يدعو لنفسه ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده فإنه صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد) وقال: (لا تجعلوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني) فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يسمع الصلاة والسلام من القريب وأنه مبلغ ذلك من البعيد، وزيارة القبور على وجهين زيارة شرعية وزيارة بدعية، فالشرعية المقصود بها السلام على

الميت والدعاء له كما يقصد في الصلاة على جنازته، فزيارته بعد موته من جنس الصلاة عليه، فالسنة فيها أن يسلم على الميت ويدعو له، سواء كان نبياً أو غير نبي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا واغفر لنا ولهم، وهكذا يقول إذا زار أهل البقيع ومن به من الصحابة أو غيرهم أو زار شهداء أُحد وغيرهم، والزيارة البدعية أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت أو يقصد الدعاء عند قبره أو يقصد الدعاء به فهذا ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>