للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجة أبى حنيفة أنه حين القطع الأول كان هناك تماثل بين المجنى عليه والجانى، أما فى القطع الثانى فلم يكن التماثل متحققًا لأن المجنى عليه كان مقطوعًا والجانى سليمًا. ولكن محمدًا وأبا يوسف يفرقان بين ما إذا كان القطع الثانى قبل بُرء الأول أو بعد البرء، فإن كان قبل البرء فالفعلان جناية واحدة والقصاص من القطع الثانى، وإن كانت بعد البرء فهما جنايتان متفرقتان ويجب القصاص فى الأولى دون الثانية (١) .

والقياس عند الشافعى وأحمد يؤدى إلى مثل رأى أبى يوسف ومحمد، أما إذا كان القطع الثانى بعد القصاص من قطع المفصل الأول، فالمماثلة متوفرة والقصاص فى الثانى لا خلاف فيه.

وإذا قطع غيره المفصل الأعلى، ثم جاء الجانى فقطع المفصل الثانى، فلا قصاص فى المفصل الثانى اتفاقًا لانعدام المساواة بين إصبع القاطع الثانى والمقطوع (٢) .

وإذا قطع الجانى نصف المفصل الأعلى ثم عاد فقطع النصف الثانى لهذا المفصل فإن كان القطع الثانى بعد برء الأول، فهما جنايتان مستقلتان، ولا قصاص فيهما عند أبى حنيفة والشافعى وأحمد حيث لا قصاص عندهم فى غير مفصل، أما عند مالك فعليه القصاص فى الجنايتين لأن القصاص فى العظام عنده واجب إذا كان ممكنًا وغير مخوف، وإذا كان القطع الثانى قبل برء الأول فعند مالك القصاص من القطع الثانى فقط ما لم يكن الجانى قد قصد المثلة فيقتص من القطعين. وعند أبى حنيفة أيضًا يقتص من القطع الثاني؛ لأن الفعلين يعتبران جناية واحدة، والقطع الثانى من مفصل. وليس فى مذهب الشافعى وأحمد ما يخالف رأى أبى حنيفة (٣) .

وإذا قطع من رجل يمينه من المفصل فاقتص منه ثم إن أحدهما بعد ذلك


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠١.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠١.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص٣٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>