للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوطء الذى يحصن حاصلاً من بالغ عاقل، فإذا حصل الوطء من صبى أو مجنون ثم بلغ وعقل بعد الوطء لم يكن بالوطء السابق محصنًا، وإذا زنا عوقب على أنه غير محصن (١) .

على أن بعض أصحاب الشافعى يرون - ورأيهم هو المرجوح فى المذهب - أن الواطئ يصير محصنًا بالوطء قبل البلوغ وأثناء الجنون، فلو بلغ أو أفاق فزنا رجم دون حاجة إلى حصول وطء جديد بعد البلوغ والإفاقة، وحجتهم أن الوطء قبل البلوغ وأثناء الجنون وطء مباح، فيجب أن يثبت به الإحصان؛ لأنه إذا صح النكاح قبل البلوغ فإن الوطء يصح تبعًا له.

ويرد على ذلك بأن الرجم عقوبة الثيب ولو اعتبرت الثيوبة حاصلة بالوطء قبل البلوغ وأثناء الجنون لوجب رجم الصغير والمجنون، وهذا ما لا يقول به أحد، كذلك فإن هناك فرقًا بين الإحصان والإحلال، وكل إحلال لا يترتب عليه إحصان، كما أن الإحصان شرط عقوبة الرجم، ولو كان الإحلال يقوم مقام الإحصان لما كان ثمة ما يدعو لاشتراط الإحصان (٢) .

ثالثًا: وجود الكمال فى الطرفين حال الوطء: أو بتعبير آخر: ينبغى أن تتوفر شروط الإحصان فى الواطئ والموطوءة حال الوطء الذى يترتب عليه الإحصان، فيطأ مثلاً الرجل العاقل امرأة عاقلة، فإذا لم تتوفر هذه الشروط فى أحدهما فهما معًا غير محصنين. فإذا كان الجانى متزوجًا ودخل بزوجته فى نكاح صحيح ولكنها مجنونة أو صغيرة، فالجانى غير محصن ولو كان هو نفسه بالغًا عاقلاً، هذا هو رأى أبى حنيفة وأحمد (٣) .

ولكن مالكًا لا يشترط توفر شروط الإحصان فى الزوجين لإحصانهما معًا،


(١) شرح الزرقانى [ج٨ ص٨٢] ، شرح فتح القدير [ج٤ ص١٣٠، ١٣١] ، أسنى المطالب [ج٤ ص١٢٨] ، المغنى [ج١٠ ص١٢٨] ، شرح الأزهار [ج٤ ص٣٤٣] .
(٢) المهذب [ج٢ ص٢٨٣] ، المغنى [ج١٠ ص١٢٨] .
(٣) شرح فتح القدير [ج٤ ص١٣٠، ١٣٣] ، المغنى [ج١١ ص١٢٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>