للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مجلس، وحجتهم أن الله تعالى قال: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ١٣] فذكر الشهود ولم يذكر المجلس، وقال: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} [النساء: ١٥] ، ولأن كل شهادة مقبولة تقبل إن تقبل إن اتفقت ولو تفرقت فى مجلس كسائر الشهادات (١) .

ويحتج أصحاب الرأى المضاد بعمل عمر رضى الله عنه، فقد شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة وهم أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد ولم يشهد زياد فحد عمر الثلاثة، ولو كان المجلس غير مشترط لم يجز أن يحدهم لجواز أن يكملوا برابع فى مجلس آخر، ولأنه لو شهد ثلاثة فحدهم ثم جاء رابع فشهد لم تقبل شهادته ولولا اشتراط المجلس لكملت شهادتهم. وأما الآية فإنها لم تتعرض لشروط ولهذا لم تذكر العدالة وصفة الزنا مثلاً، ولأن قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ} [النور: ٤] لا يخلو من أن يكون مطلقًا فى الزمان كله أو مقيدًا، ولا يصح أن يكون مطلقًا لأنه يمنع من جواز جلدهم، لأنه ما من زمن ألا يجوز أن يأتى فيه بأربعة شهداء أو يكلمهم إن كان قد شهد بعضهم فيمتنع جلدهم المأمور به، وإذا ثبت أنه مقيد فأولى ما قيد به المجلس لأن المجلس كله بمنزلة الحال الواحدة (٢) .

خامسًا: أن يكون عدد الشهود أربعة: إذا شهد على الزنا أقل من أربعة شهود لم تقبل شهادتهم وحدوا حد القذف عند مالك وأبى حنيفة والزيديين (٣) ؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] .

والرأى الراجح فى مذهب الشافعى ومذهب أحمد يتفق مع رأى مالك وأبى حنيفة، أما الرأى المرجوح فيرى أصحابه أن لا يحد الشهود إذا نقص عددهم


(١) المغنى [ج١٠ ص١٨٧] ، المهذب [ج٢ ص٣٥٠] ، شرح الأزهار [ج٤ ص٣٣٧] ، المحلى [ج١١ ص٢٥٩] .
(٢) المغنى [ج١٠ ص١٧٨] .
(٣) شرح فتح القدير [ج٤ ص١٧٠] ، شرح الزرقانى ج٧ ص١٩٧] ، المغنى [ج١٠ ص١٧٩] ، شرح الأزهار [ج٤ ص٣٣٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>