للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٤٢ - التحايل على الإقرار: ولا يصح للقاضى أن يحتال للحصول على الإقرار، وليس له أن يشجع المقر على الإقرار، ولا بأس من أن يظهر الكراهة للإقرار كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع ماعز حيث أعرض عنه عند إقراره، وقد كان عمر رضى الله عنه يقول: "اضربوا المعترفين" أى بالزنا (١) .

ويشترط أبو حنيفة أن يكون الإقرار فى مجلس القضاء فإن أقر فى غير مجلس القاضى فلا تقبل الشهادة على هذا الإقرار؛ لأنه إما أن يقر وإما أن ينكر، فإن أقر كانت الشهادة لغوًا وكان الحكم للإقرار لا للشهادة، وإن أنكر اعتبر إنكاره رجوعًا عن الإنكار والرجوع عن الإقرار صحيح فى الحدود الخالصة حقًا لله كحد الزنا (٢) .

ولا يشترط مالك والشافعى وأحمد أن يكون الإقرار فى مجلس القضاء، فيجوز أن يكون من المقر فى مجلس القضاء ويجوز أن يحصل فى غير مجلس القضاء ويشهد به الشهود فى مجلس القضاء، ولكنهم اختلفوا فى الشهادة بالإقرار، فرأى مالك أن الشهادة على الإقرار تقبل فإذا أنكر حصول الإقرار اعتبر إنكاره رجوعًا (٣) .

ويرى الشافعى قبول الشهادة على الإقرار، فإن أنكر حصول الإقرار منه لم يقبل إنكاره ولا يعتبر عدولاً عن الإقرار لأنه تكذيب للشهود والقاضى. أما إن أكذب نفسه فى إقراره فإن تكذيبه يعتبر رجوعًا عن الإقرار (٤) .

ورأى أحمد قبول الشهادة بالإقرار بشرط أن يشهد بالإقرار أربعة، فإن أنكر أو صدقهم دون أربع مرات فلا حد عليه؛ لأن إنكاره يعتبر رجوعًا، ولأن تصديقهم لا يكفى فيه مرة واحدة لأن الإقرار عند أحمد يشترط فيه أن يكون أربع مرات (٥) .

ويلاحظ أن الإقرار يثبت عند مالك والشافعى بشهادة شاهدين فقط.


(١) شرح فتح القدير [ج٤ ص١٢١] ، المغنى [ج١٠ ص١٨٨] ، المهذب [ج٢ ص٣٦٤] .
(٢) بدائع الصنائع [ج٧ ص٥٠] .
(٣) شرح الزرقانى [٨ ص٨١] .
(٤) أسنى المطالب [ج٤ ص١٣٢] .
(٥) الإقناع [ج٤ ص٢٥٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>