للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإحصان فى الآية الأولى العفة عن الزنا على رأى (١) ، والحرية على رأى (٢) ومعنى الإحصان فى الآية الثانية: الحرية، فالمحصنات معناها الحرائر والغافلات معناها العفائف والمؤمنات معناه المسلمات، وقد استدل الفقهاء من النصين على أن الإيمان - أى الإسلام - والحرية والعفة عن الزنا شروط فى الإحصان.

وقد ورد لفظ المحصنات فى القرآن بمعانٍ متعددة، فوردت بمعنى العفائف على حسب ما بينا، وجاءت بمعنى المتزوجات فى قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْماَنُكُمْ} [النساء: ٢٤] وقوله: {مُحْصَنَاتُ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النساء: ٢٥] وجاءت بمعنى الحرائر فى قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطْعِ مِنكُمْ طَوْلا أَن يَنِكحَ الْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُتُوا الْكِتاَبَ مِنَ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] وقوله {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَة ٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] ، وجاءت بمعنى الإسلام فى قوله تعالى: {فَإذَا أُحْصِنَّ} [النساء: ٢٥] .

ويعتبر الشخص محصنًا إذا كان بالغًا عاقلا حرًا مسلمًا عفيفًا عن الزنا، والبلوغ والعقل شرطان عامان يجب توفرهما فى الجانى فى كل جريمة ولا يجب توفرهما أصلًا فى المجنى عليه، ولكن الفقهاء يشترطون البلوغ والعقل أيضًا فى المقذوف وهو المجنى عليه لإعتباره محصنًا يعاقب على قذفه بالحد، وعلة اشتراط البلوغ والعقل فى المقذوف أنه يرمى بالزنا وهو جريمة لا تقع إلا من بالغ عاقل ولأن زنا الصبى والمجنون لا يجب فيه الحد ولكن الفقهاء مع هذا يختلفون فى شرط البلوغ، فيرى أحمد فى رواية أن البلوغ شرط فى الإحصان لأنه أحد شرطى التكليف فأشبه العقل ولأن زنا الصبى لا يوجب حدًا فلا يجب الحد بالقذف به، ويرى أحمد فى رواية أخرى أن البلوغ ليس شرطًا فى الإحصان مادام المقذوف الواقعة التى قذف فيها فيستطيع الوطء إن كان ذكرًا ويطيق الوطء إن كان أنثى، فعلى هذه الرواية يجب أن يكون المقذوف كبيرًا يجامع مثله ولو لم يكن


(١) المغنى ج١٠ ص ٢٠١.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص ٤٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>