للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

درء الحد لا يمنع من التعزير (١) .

وفى مذهب الشافعى ثلاثة آراء أحدها كرأى المالكى، والثانى: يحد ولو لم تصل الخمر للجوف عن طريق الفم كما لو استعط أو احتقن، والثالث: يحد فى السعوط دون الحقنة (٢) .

وفى مذهب أحمد رأيان: أن ما وصل عن طريق الحلق فيه الحد كالشرب والاستعاط، وما وصل عن طريق الشرج فلا حد فيه. والرأى الثانى يوجب الحد فى الحالين (٣) . ويعتبر شاربًا من شرب الخمر أو المسكر لدفع العطش وهو يستطيع استعمال الماء، وكن من يشرب مضطرًا لدفع غصته لا حد عليه للاضطرار لقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣] وكذلك حكم من أكره على الشرب سواء كان الإكراه ماديًا أو أدبيًا لقول النبى عليه الصلاة والسلام: "عفى لأمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"، واختلف فيمن شرب لدفع عطش مهلك، فمذهب أبى حنيفة وهو يتفق مع الرأى الراجح فى مذهب مالك والشافعى أن لا حد على الشارب (٤) .

أما أحمد فيفرق بين ما إذا شربها الشارب صرفًا أو ممزوجة بشىء يسير لا يروى من العطش، ففى هذه الحالة على الشارب الحد، أما إذا شربها ممزوجة بما يروى من العطش أبيح الشرب لدفع الضرورة (٥) .

وفى التداوى بالخمر خلاف، فالرأى الراجح فى مذهب مالك والشافعى أن التداوى بالخمر فيه الحد إذا شربها المريض، أما إذا استعملها لطلاء جسمه فلا حد؛ لما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من تداوى بالخمر فلا شفاه الله"،


(١) أسنى المطالب ج٤ ص١٥٩، المغنى ج١٠ ص ٣٢٩، شرح الزرقانى ج٨ ص ١١٤.
(٢) بدائع الصنائع ج٥ ص ١١٣، أسنى المطالب ج٤ ص١٥٩، الإقناع ج٤ ص ٢٦٧.
(٣) شرح الزرقانى ج٨ ص ١١٤.
(٤) الإقناع ج٤ ص ٢٦٧، المغنى ج١٠ ص٣٣٢، شرح الزرقانى ج٨ ص ١١٢.
(٥) شرح الزرقانى ج٨ ص ١١٢، بدائع الصنائع ج٧ ص ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>