للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن الله لم يجعل شفاء أمتى فيما حرم عليها" (١) . ويرى أبو حنيفة إباحة الشرب للتداوى، أما أحمد فيحرمه ويرى فى الشرب للتداوى الحد (٢) .

السكر

٥٨٣ - لا وجود لحد السكر إلا إذا كان الشرب مباحًا، والسكر هو المحرم كما هو الحال عند غير المسلمين أو كما يقول أبو حنيفة وأصحابه فى غير الخمر، فإن كان الشرب غير مباح فالحد حد الشرب لا حد السكر ولو أدى الشرب إلى السكر فعلا.

فالسكر إذا درجة تأتى بعد الشرب وهى نتيجة له، ولذلك يجب أن تتوفر فى جريمة السكر أركان جريمة الشرب وأن يؤدى الشرب بعد ذلك إلى السكر، فإن لم يؤد للسكر فلا حد على الشرب ولا على السكر ولو قصد الجانى أن يشرب ليسكر.

ويحد الجانى على السكر إذا شرب المادة المسكرة وهو عالم بأن كثيرها مسكر ولو شرب منها قليلا ما دام أن الشرب قد أدى فعلا للسكر، ويحد كذلك ولو لم يقصد من الشرب السكر ما دام قد سكر وذلك أخذًا بقصده الاحتمالى إذ كان عليه أن يتوقع أن الشرب ربما أدى للسكر (٣) . واختلف فى بيان السكر المستوجب للحد، فرأى أبو حنيفة أن السكران هو من فقد عقله فلم يعد يعقل قليلًا لا وكثيرًا ولا يميز الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة (٤) .

ويرى أبو يوسف ومحمد أن السكران هو الذى يغلب على كلامه الهذيان وحجتهما قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاة َ وأَنتُمْ سُكَاَرَى حَتَّى تََعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] فمن لم يعلم ما يقول فهو سكران، ورأيهما يتفق مع رأى بقية الأئمة (٥) .

* * *


(١) نهاية المحتاج ج٨ ص ١١.
(٢) المغنى ج ١٠ص ٣٢٩.
(٣) شرح فتح القدير ج٤ ص ١٨٣.
(٤) بدائع الصنائع ج٥ ص١١٨.
(٥) المغنى ج١٠ ص٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>