للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها دابة ففك قيدها أو اعتلى ظهرها ثم ضبط قبل أن يخرج بها, ومن دخل جرناً ليسرق منه قمحاً فى غرارة مثلاً فضبط وهو يملأ الغرارة أو ضبط بعد ملئها وهو يحاول أن يحملها أو ضبط بعد أن حملها وقبل أن يخرج بها من الجرن- فكل هؤلاء لا يعتبر أحدهما آخذاً خفية لأن ما أتاه من الأفعال لم يخرج الشىء المراد سرقته من حرزه أى المحل المعد لحفظه وما دام المال لم يخرج من حرزه فهو لم يخرج من حيازة المجنى عليه ولم يدخل فى حيازة الجاني (١) .

ويترتب على اشتراط الأخذ التام أن لا يقطع فى سرقة لم تتم, فكل ما نعتبره اليوم شروعاً فى سرقة يعاقب عليه بالتعزير ولا يعاقب عليه بالقطع.

ولكن أصحاب المذهب الظاهرى يوجبون القطع فى الشروع كلما وضع السارق يده على الشىء المسروق ولو لم يخرج به من حرزه, فمن أخذ وهو يجمع المتاع من منزل المجنى عليه وقبل أن يحمله ويخرج به أو أخذ وهو يحمله وقبل أن يخرج به قطع ما دام قد بدأ فعل السرقة؛ لأن ما وقع منه يجعله سارقاً وأن الظاهريين لا يشترطون الحرز فى السرقة, ولهذا فهم يعتبرون الأخذ تاماً بمجرد تناول الشىء المسروق بقصد سرقته ولو لم يخرج الشىء من حيازة المجنى عليه ويدخل فى حيازة الجانى حيازة فعليه ونهائية (٢) , وإن كانوا يفرقون بين السرقة والاختلاس ويرون القطع فى السرقة دون الاختلاس.

وعبارة الأخذ خفية فى الشريعة يقابلها الاختلاس فى القوانين الوضعية, ويشترط ليكون الاختلاس تاماً فى القانونين المصرى والفرنسى أن يخرج الشىء من حيازة المجنى عليه وأن يدخل فى حيازة الجاني, ومعنى هذا أن الشريعة


(١) المغنى ج١٠ ص٢٤٩, المهذب ج٢ ص٢٩٥, ٢٩٧, كشاف القناع ج٤ ص٧٩, نهاية المحتاج, أسنى المطالب ج٤ ص١٣٨, ١٤١ وما بعدها, شرح فتح القدير ج٤ ص٢٤٠, ٢٤١, بدائع الصنائع ج٧ ص٦٥, شرح الزرقانى ج٨ ص٩٨, المدونة ج١٦ص٧٢, شرح الأزهار ج٤ ص٣٦٧.
(٢) المحلى ج١١ ص٣١٩, ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>